(المثل الأفلاطوني) لذلك الشيء، وبقدر ما تقرب الصورة من ذلك المثل الخيالي تكون قيمتها الفنية. فطربنا لجمال الطبيعة أو الشعر أو التصوير إنما يصدر عن تأمل الأشياء في حقيقتها الواقعة دون أن يمتزج ذلك التأمل بوجهة النظر الشخصية. فسواء لدى الفنان أن يرى غروب الشمس من قصر منيف أو من كوة في سجن مظلم.
فالفن يمحو بؤس الحياة وعللها بأن يعرض علينا صوراً خالدة من وراء هذه الصور الفردية الزائلة.
٦ - الدين
وإذا كانت الفلسفة وسيلة لاتقاء شرور الحياة بما تستطيعه من إخضاع الشهوة لحكم العقل، وإذا كان الفن عاملاً من عوامل السعادة لأنه لا يعبأ بالأشباح المادية التي تتحرك أمامنا وإنما يعنى بحقائق هذه الأشياء الخالدة، فالدين طريق ثالث يؤدي إلى سعادة النفس وطمأنينتها لأنه بدوره عبارة عن إخضاع الإرادة لحكمة العقل، فالصيام الذي تفرضه الأديان جميعاً يقصد منه تدريب النفس على قهر إرادتها أو شهوتها.
٧ - حكمة الموت
وبعد، فما أعجب أن تكون الحياة كما هي شروراً وآلاماً، ومع ذلك تتخذ لها من أنفسنا عوناً على الانتشار والذيوع!! يصيح شوبنهور بأعلى صوته أن الحياة سوء وشر ويجب أن نقضي عليها قضاء مبرماً. ولكن كيف؟ الحل عنده بسيط وهو أن نهجر النساء هجراً جنسياً لأنهن أس البلاء بما يقدمن للرجال من فتنة وأغراء. وهو يتساءل: إلى متى تدفعنا الحياة أمامها دفع الخراف وهي لا تحوي إلا شقاء وعناء؟ متى نستجمع كل ما نملك من قوة وشجاعة لنصيح في وجهها أن الحياة أكذوبة وخدعة. أن نجاة الإنسان وخلاصه إنما هو الموت!