لقد ارتبت لأول مرة في صحة هذا الكلام وما لبث أن استيقنت عندما اطلعت على حوادث أخرى من هذا القبيل؛ فقد عرض علينا ذات يوم أحد باعة الكتب في فاس قائمة بأسماء كتب قيمة طبعت ولا يزال بعضها يطبع في القاهرة (وهي بأقلام أئمة الأدب في العصر الحديث) بأسعار مخفضة إلى حد غير معقول. فقلت لا يخلو الأمر من إحدى اثنتين: إما أن تكون هذه الكتب في منتهى الرداءة طبعاً، وورقاً أو أن عارضها قد ارتبكت أحواله المالية وأشرف على الإفلاس فهو يبيعها بأي ثمن
ثم عرفت أنه لا هذه ولا تلك وإنما هذا الرجل هو أحد عملاء المطابع السارقة. . . وكان أحد المتعهدين في الجزائر قد عرض مجلة الرسالة (التي يصدرها في القاهرة الأستاذ الزيات) على صغار الباعة والمتعهدين بثمن بخس جداً. . . وتبين أنه كان يستوردها من مكتبة بالقاهرة لها صلة وثيقة بمطبعة سارقة كانت (الرسالة) تطبع فيها قبل أن تتخذ لنفسها مطبعة خاصة. وأكثر هؤلاء (العملاء) ينشرون الدعوة ضد مطبوعات (لجنة التأليف والترجمة والنشر) في القاهرة. وسبب ذلك (فيما يظهر) هو أنهم لم يستطيعوا أن يسرقوها. . . وهذه الأشياء فضلا عن كونها تؤذي سمعة مصر أذى شديدا، فهي ضربة قاضية على الحركة الأدبية في مصر والعالم العربي. ونعتقد أنه لا بد للحكومة المصرية أن تعالج هذه الحالة بما تراه ناجحاً. لكي تسير حركة النشر في طريقها المشروع