فمنذ ليال أويت إلى فراشي في منتصف الليل والسماء صاحية، ثم انتبهت على الروع والفزع، فقد كان المنزل ترج سقوفه وحيطانه بعنف، فأوقدت المصباح وأنا خائف أترقب، ثم عرفت بعد التأمل أن الصحو أعقبه غيم ومطر وصواعق
ولما خرجت في الصباح رأيت الشمس آست ما جرح الليل، وكأن لم يكن شيء!
ذلك هو العراق
وكذلك تكون ليلاي في العراق
فما الذي يمنع من الصبر على دلالها أو أذاها شهراً أو شهرين حتى تمل هي من النضال؟
إن بعض المرضى يريحهم أن يثوروا على الأطباء. ومن واجب الطبيب أن يرحب بمثل هذه الثورة، لأنها بشير العافية. وستذكر ليلى أني كنت من الصابرين، وأني منحتها عطف المحب ورفقة الطبيب! ولن أفارق بغداد قبل أن تبذل في سبيلي غاليات المدامع، أن كتب الله أن تأخذ عن طبيبها أدب الصدق والوفاء
لن أنساك يا ليلى فقد عاديتُ فيك وعُوديت
واحمل في ليلى لقوم ضغينةً ... وتُحمل في ليلى عليَّ الضغائنُ
ولكن هل تفهمين أو تعقلين؟
أما والله لو تجدين وجدي ... جمحتِ إليَّ خالعة العذار
كانت هذه الخواطر السود تنتاش قلبي وأنا في طريقي إلى المحطة، ثم تفجر الحنان في قلبي على غير انتظار، فقد سمعت المذياع يرسل هذه التغريدة رحمة للقلوب
(ليه تلاوعيني، وأنت نور عيني)
وهي من تغاريد أم كلثوم، وكأني اسمعها أول مرة، فرجعت على نفسي باللوم وقلت: كذلك يكون العقاب! وهممت بالرجوع إلى ليلى لأقول: