ولكن تذكرت أن الوقت لا يتسع للقيام بواجبين في وقت واحد: عتاب ليلى وملاقاة صاحبة العينين التي أرجو أن ادفع بوجهها المشرق وحشة الطريق وظلام الليل
ودار ذهني يحاور ويجادل:
- كيف تشرك بليلى هذا الإشراك؟
- أنا أُشرك بليلى؟ معاذ الحب!
والحق أني أشرك بهوى ليلى، ولكن هذا الشرك هو طريقي إلى التوحيد. أنا احب جميع الملاح لأهيئ قلبي لحب ليلى. أحب من أجلها كل ما في الوجود، وأصبح من أجلها عن جميع الذنوب
وصاحبة العينين ستسألني عن ليلى؛ والسؤال عن ليلى، من ذلك اللسان الألثغ الملجلج هو في ذاته زُلَفى إلى ليلى. وأنا أيضاً رجل مكروب تضيق به دنياه، والظلال في هوى العيون قد ينسيني كروبي؛ وليلى يسرها أن أعيش أيطيب العيش، وهي تعرف أني لا أحيا بغير الحب والنسيم، شفاها الله وشفاني
فتشت جميع دواوين القطار لأرى صاحبة العينين، وما رأيت صاحبة العينين
ورأى حيرتي ناظر المحطة فقال في تلطف: ضاع منك شيء؟ فقلت: لا، ما ضاع مني شيء، وإنما أخاف وحشت الطريق وظلام الليل
فتعجب الرجل من هذا الجواب المضحك وانصرف
فهل رأى الناس حالاً مثل حالي؟ هل رأوا من قبلي رجلا يرحّب بالشّرك فيعز عليه الشرك؟
أن الحب يريد أن اذهب إلى البصرة وليس في قلبي غير ليلاي وكان لي في القطار رفيقان: أولهما الدكتور عبد المجيد القصاب، وهو طبيب يمثل عذوبة الروح، وصفاء القلب، وهو من خيرة الذين عرفتهم في العراق، وثانيهما السيد ظالم وهو صحفي آيب لا تعرف بصحبته ضجر السفر ولا طول الطريق وليس فيه غير عيب واحد هو التجني على الموسيقار محمد عبد الوهاب والغناء المطلق في الغاني أم كلثوم
جلس حضرته يدندن، ولكن كيف؟ بعد أن لبس عباءة فضفاضة جعلته نسخه من سلطان