زلزلة في هيكل الاتحاد كله! ولقد فطن قادة الرأي إلى ذلك من أمر بعيد، وذلك حينما انضمت ولاية جديدة هي ولاية مسُّوري إلى الاتحاد عام ١٨٢٠ ولنكولن يومئذ في الثانية عشرة، فلقد أصدر المجلس قراراً خطير الشأن عرف باسم (اتفاق مِسُّوري)، ومؤداه أنه لا يسمح بانتشار العبيد شمال خط عرض ٣٦ اعني أن هذا الخط يفصل بين الولايات التي يسمح فيها بنظام العبيد والولايات التي يحظر فيها ذلك النظام
منذ ذلك اليوم يعمل الساسة على توطيد هذا الاتفاق وكان من أكبر الداعين إلى مراعاته دوجلاس ذلك الذي رأيناه منذ أعواميجلس إلى جانب لنكولن نائباً في مجلس مقاطعة ألينوس. ومما يذكر له في هذا الصدد قوله:(إن هذا الاتفاق أبدي وجوهري)
ولقد رأينا فيما سلف كيف كان دوجلاس ينافس ابراهام وهو يمد عينيه إلى الهدف، ورأينا كيف كان يأخذ الطريق على منافسه في كل شئ. وهاهو ذا اليوم وله في الحزب الديمقراطي مركز الصدارة، يرج البلاد رجة عنيفة بخطوة جريئة من خطواته
طلبت ولاية واسعة في الشمال الغربي هي ولاية نبراس كنسيكا إلى الاتحاد أن يضمها إليه، فسرعان ما عادت مسألة العبيد إلى الظهور كما عادت من قبل في عدة حوادث وآخرها أخذ تكساس من المكسيك
عادت المشكلة وتفاقمت، فهذه الولاية تقع شمال خط عرض ٣٦ ومع ذلك قام رجال الحزب الديمقراطي يدعون إلى جعلها ولاية من ولايات العبيد! ولا تسل عما قام في الشمال إزاء ذلك من هياج وغضب ونفور، وهنا يخطو دوجلاس خطوته فيعلن أن قيام العبيد في ولاية أو عدم قيامهم أمر يجب أن يترك الخيار فيه إلى الولاية نفسها ولا عبرة بعد ذلك برأي مجلس الاتحاد. بذل دوجلاس كل ما في وسعه وهو يومئذ عضو في مجلس الشيوخ حتى اصدر المجلس قراراً بذلك، على الرغم من اتفاق مسُّوري وعلى الرغم من تصايح أهل الشمال وانزعاجهم
وسرت في الشمال موجة من الهياج والسخط لن يصفها كلام؛ ورأى كل من له حظ من الفكر أن هذا القرار الذي بذل دوجلاس ما في وسعه لاستصداره هو الجمرة التي سوف تتوهج بعد حين فتندلع منها نيران الحرب الأهلية. ولقد كانت هذه الخطوة من جانب دوجلاس، وما أعقبها من حوادث، سبباً في عودت لنكولن كره أخرى إلى ميدان السياسة