مشاهده توفيقا كبيرا. وفي صوت الآنسة رنة مستحبة، عذبة الوقع في الأذن، ساعدتها كثيرا على أن تجد لها مكانا رفيعا في قلوب النظارة، فكسبت بذلك عطفهم وإعجابهم، وبين الاثنين خطوة قصيرة المدى، وأريد أن أهنئها على ذوقها السليم في اختيار ملابسها التي ظهرت بها في الفلم: كلها أنيقة بديعة التنسيق تناسب جسمها وتلائمه.
قامت السيدة دولت بدور زوجة إسماعيل بك والد رجاء. وكان من سوء الحظ ان بدت ممتلئة الجسم إلى درجة كبيرة أضاعت عليها كثيرا من رشاقتها المعروفة، ولم يبذل المخرج جهدا في ملافاة هذا العيب. والسيدة دولت ممثلة معروفة، فلست بحاجة إلى الإفاضة في هذه الناحية، غير إني آخذ عليها أنها أسفت بشخصيتها كثيرا في المشهد الذي تشتم فيه (رجاء) فقد أتت فيه من الحركات ما لا يتفق والاحترام الذي نحمله لشخصية الدور، وما لا ترتجله سيدات الطبقة الراقية مهما كانت الظروف.
ولا أنسى الأستاذ ادمون تويما في مشهده القصير الذي قام فيه بتمثيل دور المستأجر الأصم، فقد كان من مشاهد الفلم الموفقة. أخطاء الإخراج كثيرة في الفلم، وعلى الأستاذ محمد كريم أن يتقبل نصيبه من اللوم بشجاعة وسعة صدر، فلا يزال إلى اليوم في خطاه الأولى، ونرجو له إذا تفرغ لدراسة هذا الفن، فن الإخراج السينمائي بنواحيه المختلفة وأبوابه المتعددة، أن يكون في المستقبل أكثر توفيقا وإلماما بعمله.
أول ما آخذه على المخرج أن مشاهد (جلال) وخصوصاً الغنائية منها لم تظهر في المستوى الفني الذي كان يجب أن تظهر فيه، وقد حد بذلك من حرية عبد الوهاب ولم يهيئ لبعض أغانيه الجو الذي يلائمها فيزيدها جلالاً وسحراً ويضاعف تأثيرها في النفوس، وشتان بين المشهد الختامي والمشهد الذي يغني فيه عبد الوهاب (جفنه علم الغزل) وبين مشاهد (يا وردة الحب) و (سبع سواقي) ومشهدي التخت.
وقطعة النيل كان في مقدور المخرج النابه أن يستفيد مما فيها من حركة وحوار ووصف، وكان يمكنه أن يخرج منها مشهداً رائعاً. فالنيل في ضوء القمر على مقربة من الأهرام، وبعض المراكب الشراعية تسير على مهل، ورجاء وجلال في قارب منها، وفي خلوة رقيقة بين أحضان الطبيعة، هذا وأنغام اللحن الشجي تنساب في مثل رقة النسيم وخرير الماء؛ فأية روعة كانت تكون لهذه القطعة؟ ولكن المخرج حبس جلالاً بين اربعة جدران