العقلي وليس له دور لتحليل شئ أو عمله أو تفهمه. دوره دور عملي. . . وهو يوضح في بعض الأحيان نقطة الأشياء التي يجب أن نعمل عليها، والناحية من الفكر الذي يستطيع أن يعمل. ولكن عقلنا وشخصيتنا قد يفوقان هذا القسم غير الواعي. وعند برغسون وغيره من الفلاسفة يصبح غير الواعي شكلاً من الحياة الروحية، والينبوع الخفي العريض العميق حيث تجري يرقة حياتنا الواعية المنطقية. . . ونحو هذا الينبوع اتجه الرمزيون - منذ أعوام - والروائيون
المؤثرات الأجنبية في الأدب الفرنسي
لم تكن رواية تولستوى ودوستوفسكي رواية رمزية ولا مبهمة ولا رواية لا شعورية. على أنها في بعض نواحيها تحمل طابع الثقافة الفرنسية المدرسية على أنها أثرت في الطريقة التي جاءت بها الرمزية. فأشخاصها - ولا سيما أشخاص تولستوي - هم أقل اعتناء بالأفكار من المثل الأعلى، وأقل ضجراً في تحليل أنفسهم من أن يجدوا في أنفسهم بساطة عميقة. ويظهر أنهم يجهدون النفوس ليتفوقوا على ذواتهم المفكرة المعقدة ليبلغوا ذاتاً بسيطة غريزية حيث يجدون سبب حياتهم. فعقلهم وإرادتهم المفكرة تعترضهما اندفاعات لذة عابرة يحتملانها بتوبيخ ولذة. هذه رواية نفوس ابتدائية أو وحي نفوس قد تكون كثيرة الدعوة إلى المثل الأعلى، ولكنها عاجزة عن إيجاد مثلها الأعلى في الثقافة العقلية
وهنالك تأثير (إبسن) ورواياته المسرحية! ففي مسرحياته موضوعات شديدة عنيفة لأنه كتب في بلد ذي تقاليد راسخة، وأخلاق مفرطة. عمل (ابسن) على تحرير الفرد من حالة خانقة ومن أنانية متسيطرة. أراد أن يحيا الإنسان حياته فلا تكون المرأة عبدة للرجل ولا الأبناء عبيداً للآباء والأجداد. وهذه الموضوعات كانت سبب نجاح (ابسن) وقد لا يكون فيها ما يغري كثيراً ولكن في (ابسن) شيئاً وعبقرية. فان أشخاصه في الوقت الذي يعرفون فيه بوضوح ماذا يريدون، وعندما يفهمون أنفسهم، ويتفاهمون ما بينهم تراهم لا يحللون أنفسهم، ولا يتناجون ما بينهم محللين أنفسهم كالأشخاص في المسرح المدرسي والحساب الذي يجعلونه منهم يبدأ ثم ينتهي قصيراً. ولقد يخونون أنفسهم وقد تكون هذه الخيانة اندفاعية. وعملهم لا يظهر إلا لكي يعبر عن ضجرهم، وكثيراً ما لا يفهمون أنفسهم، ولا يفهمهم غيرهم. يشعرون بأنهم وحدهم ويحسون أنهم منقادون بما لا يُعرف نحو ما لا