للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ناحية أخرى نسلم أن صاحب الدعوة أدرى بحقيقتها وأعرف بخفاياها من سواه

لذلك أرى أن القارئ يصيب من مطالعة هذا الكتاب غرضين: معرفة موسوليني وتفهم الفاشية. وكلاهما ليس بالهين. وهو أثناء ذلك يستمتع ساعات من الزمن بتلك الروح القوية تطالعه من بين سطور الكتب، روح موسوليني، ثم بتلك الحوادث العظيمة كالزحف على روما ومغالبة الصعاب حين القيام بأعباء الحكومة؛ ثم الكفاح والجلاد للمحافظة على البنيان بعد إقامته وتدعيمه والعمل على إعلائه

من أجل ذلك أتقدم بالثناء والشكر للأديب المعرب لاختياره هذا الكتاب. أما من حيث الترجمة فليس لدي الأصل حتى أراجع عليه التعريب، ولكني أميل إلى الاعتقاد أن من يضطلع بنقل مثل هذا الكتاب الفذ، وله من شرف غرضه حافز، جدير أن يتوخى الأمانة وأن يتحرى الدقة. وأما من حيث الأسلوب فإني أجدني مضطراً أن أصارح المعرب الفاضل أني كنت أحياناً يعسر على فهم بعض الفقرات، كما كان يلتوي على بعضها كما أني كنت أقف عند بعض الكلمات التي وضعها في العربي كما هي في الأصل إذ لم يجد لها مرادفاً عربياً، ولكنه كان حرياً أن يشرح المراد منها، على أن هذا على أي حال يسير إذا قيس إلى ما بذل من جهد محمود

أتحدث بعد عن الكتاب الثاني (جمال الدين الأفغاني) وقد حببه إلي عدة أشياء: أولها أن مؤلفه الشاب الأديب محمد سلام مدكور أحد تلاميذي، حضر علي دروساً في التاريخ أيام كنت أقوم بالتدريس في الأزهر، وأشهد لقد توسمت فيه النجابة يومئذ ورجوت فيه وفي بعض زملائه الخير. واليوم أقرأ له مؤلفاً فأغتبط وأفخر، وأي شئ هو أحب إلى المدرس من أن يرى ثمرة من ثمار غرسه؟

وحبب إلى الكتاب بعد ذلك أن يضعه أحد أبناء الأزهر عن جمال الدين، فيكون الكتاب بذلك. فضلاً عن أنه علامة اجتهاد، دليل عرفان للجميل نجحوا أحد بناة هذا الجيل. ومن كجمال الدين أحق بعرفان الجميل وتخليد الذكر على يد الأزهر بين خاصة وبني مصر والعالم الشرقي عامة؟ ثم عطفي على الكتاب فوق ذلك أنه يدور حول تلك الشخصية الفذة المحبوبة، فلقد كان جمال الدين رحمة الله ورضوانه عليه قبساً من روح الشرق انبعث في ظلمة الأيام والتمع كما يلتمع الشهاب في دجنة الليل، وراح يعمل وحده ويبذر بذوره أينما

<<  <  ج:
ص:  >  >>