عندنا على القوة والإرهاب أكثر مما هو قائم على الرغبة والشعور، وأن ما يشوب حياتنا خارج المدارس من فشل أو فوضى بسبب انعدام المنطق فيها إنما يرجع إلى أن المدرسة لم تفلح بعد في غرس النظام فينا وجعله دماً يجري في العروق قبل أن يكون مظاهر وقشوراً!! وإلى أنها لا تزال تبدو كريهة غير محببة ولا مغرية، يبهظنا نظامها، ويرهقنا عملها، وتثقلنا واجباتها، ولا نرى فيها بعد هذا من المتعة والنعيم ما قد يخفف من هذا الإرهاق وذلك الإبهاظ!!
أترى لو كان الأمر على غير ما أقول: أكان الطلبة يضربون ويتركون فصولهم لمجرد استقبال زيد أو عمرو مهما قيل في ضعف الإدارة المدرسية أو الإشراف الوزاري؟؟
أترى لو كان حب النظام متغلغلاً في نفوس الطلبة: أكانوا يهددون بالإضراب كلما عنت لهم حاجة، فإذا ما أضربوا انقلبوا إلى جماعات ثائرة متمردة، وأعلنوا على المدرسة معاملها وأثاثها - وأحياناً ناظرها ومدرسيها - حرباً عواناً لا تبقى ولا تذر؟
ذلك إذاً نظام آلي تعسفي مبغوض!، وتلك إذاً نتائج خطيرة تسود حياتنا الخاصة والعامة وتجعل الفشل والاضطراب نصيبنا المحتوم؛ وإذا كان (النظام الحق) سر عظيم من أسرار النجاح تتحلى به الشعوب العظيمة كالإنجليز والألمان، فما أحوجنا في نهضتنا الحاضرة ومركزنا الحربي الدقيق إلى التحلي به والأخذ بروحه وتفاصيله. . .!؟
سبيل الإصلاح
ويرى الدكتور جاكسون أن الإصلاح إنما يتأتى عن طريق تعليم الطلبة كيف يحترمون (السلطة المشروعة) إذ ما معنى أن يتملك زمامهم نفر من خطبائهم ومهيجيهم، ويقف ناظرهم وأساتذتهم عاجزين حتى عن توجيه الكلام إليهم؟؟ كذلك يجب ألا نقبل أبداً التهديد بالإضراب كوسيلة منتجة تحقق لهم طلباتهم؛ وإنما يجب أن نعاقب الداعين إلى الخروج على سلطة الناظر عقاباً صارماً رادعاً، وألا نستجيب إلى طلباتهم إلا إذا اتخذوا في رفعها ومناقشتها الطريق المشروع والأسلوب اللائق بطلبة يتثقفون ويتهذبون!، أما نظام المدرسة الذي له ضلع كبير في تلك الحالة الشاذة فيجب أن يتبدل بحيث يصبح أكثر مرونة، وبحيث يشعر الطلبة أنفسهم أنهم جزء فيه لا يتجزأ!، وبذلك يصبح إضرابهم موجهاً ضد أنفسهم، ويصبح إخلاصهم للمدرسة خير ضامن لانتظامهم في عملهم واحترامهم لقانونهم.