ويتطلب ذلك النظام الجديد منا أن نفهم الطفل خطأه قبل أن نثور عليه ونصخب في وجهه؛ وأن ننشد منه الطاعة المصحوبة بالرضا والاحترام قبل أن ننشد منه الخضوع الممزوج بالرهبة والخوف؛ وأن نعامله معاملة ديمقراطية ونعرف له حقه كعضو في جسم حي متعدد الأعضاء؛ وأن نقنعه بأن خطأه إنما يعود على المجتمع الذي هو عضو فيه مما قد يثير غضب هذا المجتمع عليه؛ وأن نجعل لجسم المدرسة غاية سامية في رأسه ونطالبه بالمساهمة في تحقيقها كعضو فعال في ذلك الجسم؛ وأن ندخل في المدرسة ذاتها من أساليب المتعة والإغراء والجمال والفن، ما يزيد في تحمسه لها وشغفه بها حتى يعز عليه أن يتركها أو أن يعبث بجلالها ووقارها؛ وأن نقدم له مدرسين من طراز خاص يستطيعون أن يمتزجوا بنفسه، وأن يحدثوه في أشياء كثيرة، وأن يلقنونه أمثل أساليب الحياة؛ وأن نربط ما بين بيته وبين المدرسة برباط متين، فيلتقي الناظر والمدرسون في الآن بعد الآخر بأهله مجتمعين مع أهل زملائه في ساحة المدرسة حيث يدور النصح والإرشاد، ويتحقق تعاون المدرسة مع البيت على نحو مأمون
وأن ندفع به إلى مختلف الجمعيات المدرسية حيث توفر له مجتمعاً صغيراً له غاية ولإفراده من الحقوق والواجبات والقانون والنظام ما يؤهله لأن يكون عضواً حياً في جسم حي
وأن نتيح له من ألوان الرياضة البدنية ما ينمي جسمه ويقوي عضله ويروح عن نفسه ويعلمه أن الخسارة بحق خير من الفوز بباطل، وأن المرمى واحد والجميع يعملون متعاونين من أجله
وأن نقدم له من الجوائز الأدبية والمادية ما يثير فيه روح المنافسة الشريفة، ويحببه في العمل الذي قد جوزي عليه خيراً، ويجعل مجده الشخصي عائداً على مجد المدرسة كلها بالعظمة والخير. .!!
بذلك وبغيره نوجد في المدرسة نظاماً حياً يمتد من الملعب إلى حجرة الدرس، ويتحقق في حضور الرقيب كما يتحقق عند غيبته، وبذلك وبغيره نستطيع أن نخرج الرجل الاجتماعي المنشود الذي يرعى قوانين أمته، ويطيع عرفها، ويندمج في وحدتها الكبرى غير ناظر إلى رياسة تذيع اسمه، أو منصب يدر عليه الخير، أو شخص يحسده ويسعى إلى تحطيمه