للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ألا تستحق مثل هذه الطرافة، ومثل تلك الحيوية من الناقد إلا أن يذهب إلى القاموس أو اللسان، ينظر هنالك هل يفصل قوس عن قزح أولا يفصل؟ ثم يكمل الكلام بتهكم بارد لا يرد على الفطرة المستقيمة في معرض هذا الجمال!

أهذا هو النقد الذي هو (أقرب إلى المثال الصحيح)؟

وما قلته في المثال الثاني يقال بنصه هنا، فلترجع إليه جماعة الأصدقاء!

والمثال الرابع يغنينا الرافعي عن الحديث فيه، فهو لم يزد على أن أورد البيت، ثم استغلق دون استيعاب ما يعبر عنه من روح الفنان الحي، الموكل بالجمال حيثما وجد وكيفما كان، الهازئ بخرف التقاليد، وقيود العرف، ولم يجد ما يقوله إلا (بلا قرف) وهو قول لا تعليق لنا عليه

هذه نماذج يبين أولها شتائم الرافعي وسبابه؛ ويمثل الثاني تلاعبه بالصور الذهنية، واستغلاق طبعه دون تملي الإحساس الفني؛ ويمثل الثالث تلاعبه بالألفاظ اللغوية، والوقوف بها دون ما تشعه في الخيال من صور طريفة؛ ويمثل الرابع هروبه من مواجهة النقد الصحيح إلى المراوغة وكسب الموقف - في رأيه - بنكتة أو تهكم أو شتيمة.

وليس في نقده كله إلا أمثلة لتلك النماذج، وهي كلها لا تستدعي رداً من المنقود. وإني لأعجب كيف رد العقاد على مثل هذا، وكيف عني أن يناقش ما لا يناقش من الآراء والتحايلات

لقد قلت في كلمة سابقة: إني أنا - لا العقاد - كنت مستعداً أن أثور وأن أستهزئ، لو تناول متناول أدبي بمثل هذا الضيق في الفهم والاستغلاق في الشعور، أو بمثل تلك التلاعبات الذهنية واللغوية، واللفات البهلوانية

وإنني لأكرر ما قلته، وأعجب من بعض أصدقاء الرافعي: كيف كانوا يريدون من العقاد أن يقابل مثل هذا بالنقاش الهادئ (ويرد الجرح بالعلاج لا بالجرح). ولماذا أيها المنصفون يطلب من العقاد وحده أن يلزم جانب النقد الأدبي مع من لا يلتزمه

وبعد فقد اخترت أن أثبت رأيي في الرافعي من نقده الذي استحق إعجاب أصدقائه، وفي مرة أخرى سأفصل هذا الرأي معززاً بإنتاجه الطبيعي الخالص من فورة الخصومة وحدة النزال

<<  <  ج:
ص:  >  >>