للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ألبسوه زياً مخالفاً لزيه اليوناني الأصيل، فأرسطو العرب شخصية جديدة أقرب إلى أفلاطون منها إلى أرسطو نفسه، وهذا راجع في نظري إلى أن علم الإلهيات عن أفلاطون وعند فلوطين (على وجه الخصوص) أقرب إلى تعاليم الإسلام منه عند أرسطو، وهذا العالم كان طوال العهد اليوناني، والقرون الوسطى، بل حتى عند ديكارت في العهد الحديث عندما يتكلم عن تقسيم العلوم أساساً لسائر العلوم والفلسفات، وبجوار ذلك هناك سبب آخر هو انتشار مذهب أفلاطون وفلوطين في بلاد الشام والعراق إبان الترجمة اليونانية في القرن السابع والثامن كما يؤكد هذا فرنسوا نو، وتأثر المترجمين المسيحيين بهذا التراث، بعهد ذلك إبان ترجمة القرن التاسع الميلادي في عهد المأمون

ونشعر أنه من العبث بعقول القراء أن نسرد حوادث تاريخ هذه الترجمة فنذكر مثلاً: حياة كل مترجم وما ترجمه ومحتويات كل كتاب، فهذا ممل، ولأن الحوادث لا قيمة لها مطلقاً في ذاتها فهم يجدون هذا مثلاً في القسم الأول لكتاب كارادي فو عن ابن سينا، وفي كتاب (الطب عند العرب) بجزئيه للكلرك وعند برييه، وعند منك. . . وهلم جرا

ونكتفي بما قدمنا من الصفات الأساسية من ناحية اختصاصنا - الفلسفة - والمهم من ذلك في نظري أن يقف القراء على الفهم الأوربي الحديث للتراث الإسلامي الذي بني على هذه الترجمة، وهذا الفهم يتشعب خلال ثلاث مدارس نكتفي اليوم ببسط فهم المدرسة الأولى:

مدرسة الفيلسوف رينان

ولد رينان (أرنست) في بلدة ترجييه من مقاطعة بريتانيا في غرب فرنسا عام ١٨٢٣، وتربى في هذه البلدة تربية (دينية) سواء في عائلته أم في مدرسة هذه البلدة أم في جو هذه المقاطعة التي يتغلغل فيها المذهب الكاثوليكي إلى أبعد مداه كما شاهدته بنفسي منذ عامين. ثم ذهب إلى باريس ليتعلم في مدرسة القساوسة، وما كاد ينتهي بنجاح في دراسته ويرسم قسيساً حتى غلبت على أفكاره تلك النزعة (الغبية) نزعة الكفر والإلحاد، فترك حياة الدين والإيمان، ودخل الحياة الدنيا غير آسف على ما فرط فيه من قبل، وحاز درجات علمية ممتازة من الجامعة والتحق بعد ذلك بالصحافة؛ ثم ساح ورحل في بلاد الشرق فكان في سوريا عام ١٨٦٠، وفي فلسطين عام ١٨٦٣ حيث كتب (حياة المسيح) ثم عين أستاذاً في (مدرسة الكليج دي فرانس). ويبن عام ١٨٦٣، ١٨٨٣ ألف (تاريخ أصول المسيحية) وبين

<<  <  ج:
ص:  >  >>