(ابن رشد ومذهبه) صفحة ٥٢ أنه لا يعرف كيف يكتب ولا كيف يفكر، وأن لغته لغة همجية، ومؤلفاته لا قيمة لها. نقل عن مؤلفات نقلت هي بدورها عن مؤلفات أخرى نقلت عن الأصل اليوناني. وفي كتابه (تاريخ اللغات السامية) صفحة ٢٩١ يشك بوجه عام في علم فلاسفة الإسلام لأن عملهم كان بالواسطة، علم منقول بني على جهلهم باللغة اليونانية
آراء هذا الرجل بهذا الأسلوب أفسدت الاستشراق الفرنسي (عدة من الزمن) من بعد، حيث سار على نهجه ومبدئه (منك) في (الفلسفة العربية واليهودية)، وكليمان هوار في كتابه (تاريخ العرب) وخصوصاً الجزء الثاني، وكازانوفا في (محمد ونهاية العالم)، وجوتييه تلميذه الأصيل في رسالة عن (ابن رشد). وسبب الضلال في هذا الاستشراق يرجع أولاً إلى ذلك المذهب الذي انتشر في زمان هؤلاء الناس، وهو المذهب الوضعي الذي ينكر أهمية الادباء، ويهاجم أصول العقل التجريدي ويقر بعكس ذلك دراسات المظاهر الخارجية في الطبيعة والإنسان بمنهج التجربة، وأمله أن يجعل من علوم الإنسان الأدبية علوماً لا تقل في دقة أبحاثها عن علوم المادة. لهذا شجع هذا المذهب النزعة الإلحادية في فرنسا إبان ذلك العهد ويقول رينان بهذا الصدد في كتابه (مقالات ومحاضرات) صفحة ٤٠٦ ما ترجمته: (أقول دائماً ولست بحاجة أن أكرر إن العقل البشري يجب أن يتنزه عن كل المعتقدات الدينية، وأن يحصر مجهوداته في مجاله الخاص وهو إقامة العلم الوضعي). وسبب آخر أن في زمان رينان ضاعت هيبة الإسلام والمسلمين في فرنسا لفتحها بلاد الجزائر بحد السيف وظهور كتب عن تلك البلاد تمثلها في حالة وحشية وتأخر وانحطاط، ككتب القائد دوما؛ وهذا ما قوى النزعة العدائية للإسلام، فرينان يقول عن غايات العلم في الكتاب المتقدم ذكره صفحة ٤٠٠، ٤٠١:(العلم هو روح المجتمع لأن العلم هو العقل وهو يخلق التقدم الحربي والرقي الصناعي. . . ولو أن عمر وجنكيزخان وجدا أمامهما المدافع مصوبة لما تقدموا خطوة واحدة عن حدود الصحراء)
وسبب ثالث أن دراسات الاستشراق في عهد رينان لم تكن متقدمة بشكل يوجب احترامها العلمي، بل كانت في الغالب تراجم وتعليقات لبعض مفكري العرب قام بها أعضاء (الجمعية الأسيوية). ورينان نفسه يكتب تارة في الأدب، وتارة في الفلسفة، وتارة في الدين، وتارة في اللغة، مما دعا بيكافيه أن يحكم في أحد كتبه القيمة أنه رجل (يقلب