للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

امرأة أخرى لقلنا: قد انتصف لنفسه! ولو كان في البيت مديرة مصرية لقلنا: ذهبت واحدة لعمل وحلت أختها في عمل غيره. ولكن. . . وا أسفاه! إن في البيت مديرة حقاً، ولكنها مديرة أجنبية، مديرة لا تعرف من لغتنا، ولا من تقاليدنا. ولا من ديانتنا؛ مديرة ليس لها عواطف الأم، ولا حنان الزوجة، ولا غيرة الأخت، حتى ولا شعور التراحم بالرابطة الوطنية. . .

لقد ذهبت السيدة الجليلة لتزاحم الرجل، ولكنها أخلت مكانها لأجنبية، لقد باعت أمومتها واشترت الوظيفة، لقد جحدت وطنيتها حين جحدت أنها امرأة. . . ليت شعري أليست تغار هذه المراة، أليست تغار على زوجها حين استهانت بالرابطة التي بينهما فاستأجرت له زوجة؟ أليست تغار على ولدها الذي تجاهلت حقه في حنانها فاستأجرت له أماً؟ أليست تغار على بيتها الذي لا تحل فيه إلا كما يحل المسافر في فندق؟ أليست تغار على وطنها حين أفسحت لامرأة أجنبية أن تكون مكانها سيدة بيت؟

ليست هذه وحدها التي خرجت لتزاحم الرجل في ميدانه فما زحمت إلا نفسها. إنهن كثيرات أيها السادة، وإن أسفي لشديد؛ نعم نجحت بضع نساء في مزاحمة الرجل ولكن بعد ما أسلمن بيوتهن إلى الأجنبيات. لكأني بكل امرأة من هذا النوع تهتف في أعماق نفسها قائلة: (لقد احتل الرجال مراكز الأعمال جميعاً فليجلوا عنها بقوة المرأة. ولا علينا بعد ذلك أن تحتل الأجنبيات كل بيوت مصر!)

علموا لنا أولاً مديرات البيوت وربات المنازل وأمهات الرجال وزوجات الأبطال، ثم ادعوا بعد ذلك واستطيلوا وقولوا يجب أن تنزل المرأة إلى ميدان الرجل لتزاحمه حتى تجليه. ربوها أولاً على أن تؤدي وظيفتها الأساسية، وظيفة الأم الصالحة التي تنشئ للأمة الرجال. ووظيفة الزوجة المسعدة التي تملأ بيتها أفراحاً ومسرة، ووظيفة سيدة البيت التي تديره وتدبره لتجعله جنة الأسرة؛ ووظيفة المرأة الكاملة التي هي الحنان والعطف والرحمة والمحبة، بازاء الرجل الذي هو العقل والحزم والقوة واليد العاملة؛ فإذا بلغتم الغاية من كل ذلك فافتحوا لها الباب وقولوا: اذهبي إلى الطريق راشدة فاصنعي ما تريدين، وزاحمي الرجل إن وجدت السعادة في زحامه

(يتبع)

<<  <  ج:
ص:  >  >>