مرسييه بإصلاح التعليم الكاثوليكي ضد حركة التجديد في القرن العشرين يقول حسب تعاليم الكنيسة بتعلم اللغة العربية حتى يقف المسيحيون في أوروبا على وصول مذهب القديس توماس (اقرأ مكتوب الكنيسة الصادر في ٢٧ مارس سنة ١٩٠٦)، ثم إن العناصر الخارجية في أي زمان وفي أي مكان هي قانون عام بين الأمم لتبادل الثقافة. فالآن الخبراء العالميون ينتقلون من وطن إلى وطن في أرقى الأمم المتحضرة، والجنود المأجورة أو المساعدة في الحروب تفعل مثل ذلك، وفي فرنسا مثلاً الآن كثير من زعماء الفكر من أصل أجنبي كالفيلسوف الخالد برغسون وكذلك مدام كربيه، العلامة المشهور ميرسن، بل إن أستاذ اللغة الفرنسية نفسها في السربون (سيبويه الفرنسي) من أصل خارجي وهو العلامة فرتينا ستروفسكي، ومع ذلك فإن أحداً من الناس لا يمكن أن يشك في أن هناك حضارة فرنسية قائمة وأن أثرها معروف في العالم
ومجمل القول أن رينان هذا رجل يؤمن قبل كل اعتبار بالمذهب الوضعي، وهو مذهب (العلم) الحديث الذي يبنى على المنهج التجريبي الرياضي في العلوم الطبيعية، ويسعى أن يجعل من علوم الإنسان الأدبية علوماً لا تقل دقة في أبحاثها عن العلوم المتقدمة. وهذا الفهم في نظر اتباع هذا المذهب يناقض في أصوله ما ساد في تاريخ البشرية من نزعات الفكر التي تتلخص في نظرهم في نزعة دينية قالت بالوثنية تارة، وبعبادة مظاهر الطبيعة تارة أخرى، وبالتأليه تارة ثالثة، ونزعة تجريدية خالصة يمثلها العهد اليوناني وهي تبنى كأساس على منطق أرسطو، والفلسفة الإسلامية تتبع هذا العهد. لهذا خرج رينان على المسيحية، ولهذا أيضاً اعتبر الترجمة في الإسلام كنقل حرفي أي الفلسفة اليونانية (مخطوطة) بحروف عربية، وهذه الترجمة ما هي إلا ترجمة مؤلفات أرسطو (بالذات)، وتعاليم هذا الفيلسوف هي (الوحيدة) التي سادت التراث الإسلامي من أوله إلى آخره، وأن هذه الفلسفة لاقت الاضطهاد من علماء الإسلام لأن هذا الدين ضد حرية الرأي والتفكير، فعداء رينان للإسلام وترجمته وفلسفته، عداء يتعلق إذاً بمذهبه العام الذي ساد في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر. لهذا لزم أن يضاف إلى ردود من عقب على كتاباته من المسلمين رد جديد ملخص يشتق من طبيعة الآراء والمعارف في القرن العشرين.