آية المؤمن أن يلقى الردى ... باسم الثغر سروراً ورضا
وقد أنشد هذين البيتين قبل الموت بعشر دقائق، وهما مما أنشأه أخيراً:
نغمات مضين لي، هل تعود ... ونسيم من الحجاز سعيد؟
آذنت عيشتي بوشك رحيل ... هل لعلم الأسرار قلب جديد!
وآخر ما أنشأ من الشعر بيتان أترجمهما نثراً:
(قد أعدت جنة لأرباب الهمم، وجنة أخرى لعباد الحرم. فقل للمسلم الهندي لا تحزنن، فكذلك للمجاهدين في سبيل الله جنة).
- ٢ -
كان تشييع إقبال إعراباً رائعاً عما للرجل الفذ في قلوب أهل الهند عامة ومسلميه خاصة. احتشدت عشرات الألوف تودعه بالبكاء والزفرات، وشاركت النساء بالعويل والنحيب، وتنافس الحاضرون في حمل النعش فوضع على خشبيتين طويلتين ليتسنى لكثير من المشيعين أن يشرفوا بحمل الرجل العظيم إلى مثواه الأخير. وقد بلغت الجنازة شاهي مسجد وخلفها زهاء أربعين ألفاً، فوقف الناس ساعة كاملة حتى تيسر لهم أن يصطفوا للصلاة على الفقيد الجليل، ثم نقلت الجنازة إلى حديقة متصلة بالمسجد. وهنالك الساعة عشر إلا ربعاً من المساء غربت شمس إقبال في جدتها، وطوى الجهاد الذي ملأ الدنيا في لحده، وأدرجت الحكمة والشعر والحرية التي تأبى الحدود والقيود في جننها وضع محمد إقبال في قبره.
وغشى القبر الذي تضمن روضة الشعر بضروب الزهر والريحان، ثم نثرت عليه أزهار أخرى من أقوال الخطباء والشعراء الذين أطافوا بالشاعر الخالد.
وتجاوبت أرجاء الهند بأقوال الكبراء يعربون بها عما أحسوا من لوعة، وما دهى الهند من مصيبة، بموت شاعرها الأكبر. أجتمع على هذا المسلم وغير المسلم؛ فهذا جواهر لآل نهرد يقول:
(لقد دهتني وفاة إقبال بصدمة هائلة. شرفت بلقاء إقبال ومحادثته منذ قليل؛ وكان مستلقياً على فراش المرض، ولكن كان لفكره العالي ونزعته الحرة في قلبي أثر بليغ. لقد فقدت