دعاس يتناول على المائدة دواءً كميت اللون يصلح الأمعاء. وكان هذا الدواء يحفظ في صوان خاص ويُقدَّم إليه في الغداء والعشاء. وفي ظهر يوم طرق الباب وأعلن الخادم قدوم الشيخ الزنكلوني فأسرعت ربة البيت وأخفت زجاجة الدواء. ودخل الشيخ الزنكلوني فرأيناه رجلاً عليلاً وعجبنا كيف يبخل عليه الشيخ دعاس بقطرة من الدواء الذي يصلح الأمعاء.
- عمن تلقيت دروس اللؤم يا ظمياء؟
- تلقيتها عن طبيب مصري يقيم في بغداد
- وأين عيادة هذا الطبيب؟
- هو طبيب بلا عيادة، على وزن وزير بلا وزارة
- فهمت. ويسرني أن يكون تلاميذي جميعاً أذكياء. وماذا صنع الشيخ الزنكلوني حين رأى ليلى؟
- قبّل جبينها وقال: أنت درية؟ فلما عرف أنها فتاة من العراق قبّل جبينها مرة ثانية وقال: أنا احب العراق ونسائم العراق وجميع ما يرد من وطن أبي حنيفة النعمان. اسمعي يا بنيتي، أنا من الشافعية، ولكني أستظرف الحنفية.
وهنا تدخل الشيخ دعاس فقال: ولكن أبو حنيفة كان يبيح النبيذ.
فثار الشيخ الزنكلوني وقال: هذه دسيسة مذهبية، فما أباح أبو حنيفة النبيذ، وإنما أباح العرقسوس
وتشجعت ليلى فقالت: رحم الله أبا حنيفة فقد كان يعرف أن العرقسوس يصلح الأمعاء.
وكانت أول مرة فهم فيها الشيخ دعاس أن ليلى لم تكن من الغافلات
ثم دعانا الشيخ الزنكلوني لزيارة منزله في حارة أو الغلام
- وزارته ليلى هناك؟
- وعدت ثم أخلفت، فقد رابها تظرف المشايخ
- ضيعتم فرصة ثمينة يا ظمياء. فما الشيخ الزنكلوني متظرفاً وإنما هو ظريف
- سنزوره حين نرجع إلى مصر يا مولاي
- ومتى ترجعون إلى مصر، يا ظمياء؟