كارنا - اجل، سوف أجئ ولن أسألك سؤالا، فلا تساورك إذن ريبة. إن روحي تستجيب لندائك، والكفاح في سبيل النصر والذكر ونار الشنآن قد عادت أمام عيني أوهاماً وضلالات؛ كما يتلاشى هُذاءَ الليل في جلال الفجر. خبريني أنىَّ تقودينني؟
كونتي - إلى الضفة الأُخرى من النهر حيث تشتعل هذه المصابيح في شحوب الرمال المروع
كارنا - أوَسوف أجد هناك حتى الأبد أمي المفقودة؟
كونتي - آه يا بني!
كارنا - إذن فلماذا طردتني شريداً جث من أرض أجداده، صعلوكاً يرجحن في تيار من الخزيان؟ لماذا ضربت بيني وبين اريونا هوة لا تجتاز، ورددت أزكى ميول الدم إلى أنكى عواطف البغضاء؟ إنك تبقين صامتة. إن عارك يسري في الظلام البعيد ويبعث في أطرافي رعدة لا ترى. أبداً لا تذكري لي ما جعلك تسلبين ولدك حب أمه: ولكن خبريني لماذا جئت اليوم تسترجعينني إلى أطلال سماء ثللت عروشها بيديك؟
كونتي - إن لعنة تحل عليّ هي اشق من لومك. إني وإن تكنفني خمسة أبناء ليرفرف قلبي كقلب أم حرمت بنيها؛ ومن هذا الجرح الذي انشق على أول أبنائي، ولّت كل مسرات حياتي. في ذلك اليوم اللعين حين خنت أمومتي، لم تكن أنت تستطيع أن تفوه بكلمة. واليوم تضرع إليك أمك الغادرة أن تمنحها من لدنك ألفاظاً كريمة. دع غفرانك يحرق قلبها كالنار ويلهم خطيئته.
كارنا - أماه، تقبلي مني دموعي؟
كونتي - ما كان أملى من المجيء أن أعيدك إلى ذراعي، بل لأعيد إليك حقوقك. تعال وتقبل كابن ملك مكانك بين أخوتك
كارنا - إنه أحب إليّ أن أكون ابن حوذي. إني لا أتوق إلى مجد نسب أعظم من نسبه
كونتي - فليكن ذلك كما تريد. ولكن تعال واسترجع مملكتك فهي حقك!
كارنا - أتعزينني بمملكة وأنت التي استكثرت على حب أم؟ إن صلة الرحم التي اجتثت جذورها قد ماتت، ولن تستطيع أن تحيا مرة أُخرى. لي العار إن أنا ناديت أم الملوك أماً، ونبذت أمي في بيت الحوذي!