بعد التحية: أشكر لكم وللأخ الفاضل الكريم الأستاذ محمد عبد الغني حسن ما قدمتماه من استدراك جميل حرصتم فيه من جانبكم على أن تسموا الفيلسوف (بإبن مسكويه) بدلاً من (مسكويه)، وحرص حضرة الأخ الكريم على أن يجعل حياته في العصر (الرابع) لا (الثالث)، وعلى أن هذا العصر لم يكن عصر تكوين للمعاجم اللغوية بالمعنى المضبوط
فأما استدراككم بشأن الاسم فما رأيكم في أن كثيراً من المؤرخين والمترجمين القدماء والمحدثين قد ذكر الرجل مجرداً عن (الابن) فدعاه آناً (مسكويه)، وآناً (أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب بن مسكويه)؟ وما دأبكم أن من بين من دعوه كذلك القفطي وياقوت وإبن أبي أصيبعة والوزير أبو شجاع والمستشرق مرجليوت؟ وما رأيكم في أن (التوحيدي)(معاصره) كان يدعو دائماً (بمسكويه) كما جاء في كتاب المخطوط (الإمتاع والمؤانسة) وكتابه المطبوع (المقايسات)؟ وما رأيكم في أن مخطوط (جاويدان حزو) وهو أقدم مخطوط يحمل الفيلسوف ينم على أن الرجل كان يسمى بهذا الإسم؟
وأما استدراك الأستاذ الصديق بشأن العصر فلست أذكر في الواقع المؤرخ الذي أخذت هذا الأمر عنه. وأحسب أنه قد تقيد في قوله بالقوة والضعف أكثر مما تقيد بالزمن نفسه. وها هو كتاب المفصل في تاريخ الأدب العربي يعتبر أن شعر إبن سينا وهو معاصر لمسكويه يقع في العصر العباسي الثاني لا الثالث ولا الرابع
وأما استدراكه بشأن تكوين المعاجم اللغوية فالواقع أني لم أعن بدرس هذه الناحية لأنها على هامش بحثي. ولكني على أية حال اعتمدت فيما ذكرت على مؤلف ثقة هو المرحوم جورجي زيدان القائل في كتابه: آداب اللغة العربية ج٢ ص ٢٢٣ أن هذا العصر يمتاز بنضج العلم وتكوين المعاجم اللغوية؛ فإذا كان الأستاذ الفاضل يرى أن علماء اللغة في هذا العصر لم يبلغوا من الكثرة والإحاطة ما بلغه علماء العصور التالية فأظن أن كلام زيدان لا يبقى مع ذلك صحيحاً.