أيها البلد الطيب! أيتها الأرض المقدسة! لقد عرفت بك أهلي ووطني وتاريخ قومي. لست من فرعون ولا فرعون مني. كفرت بالوطنية إن لم أؤمن بأني منكِ في أهلي ووطني. . .!
يا بلاد العربية والإسلام، انشري لواءَكِ وابعثي ماضيك حتى تنتظم رايتُك كلَّ مسلم وكل عربي!
يا أهل العربية والإسلام، لستم من الوطنية في شيء حتى تؤمنوا أن وطنكم هو كل البلاد العربية والإسلام!
يا أهلي وإخواني على ضفاف النيل، لقد عققتم اخوتكم عقوقاً غير جميل حين زعمتم أن أرومتكم غير الأرومة التي أنجبت عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعبيدة بن الجراح!
يا أساتذة المدارس المصرية، لقد ظلمتم التاريخ ظلماً غير قليل حين ذهبتم تزعمون لنا منذ كنا أننا من سلالة خفرع ومينا وأمون!
ويا قومي وعشيرتي هناك، معذرة إليكم مما كان، وعهداً عليّ أن أكون، وإلى اللقاء! إلى اللقاء تحت راية الإسلام. . .!
هذا شاب من أدباء فلسطين يحدثني عن مصر، وعن أدباء مصر، وعن السياسة في مصر، وعن النشاط العلمي في مصر، حديث العارف المتتبّع، لا يفوته شيء مما يعرفه المصريون عن أنفسهم؛ بل مما لا يعرفه المصريون أنفسهم. . . فماذا يعرف المصريون عن فلسطين؟
وهذه جرائد مصر، ومجلات مصر ومطبوعات مصر، تملأ السوق في فلسطين؛ فهي في كل دار، وفي يد كل قارئ. فماذا يقرأ المصريون من جرائد فلسطين، وماذا يعرفون عن أدباء فلسطين؟
(مصر زعيمة الشرق العربي!)
هذه عبارة تسمعها بين كل أثنين يتحدثان عن مصر والأقطار العربية؛ فهل عقلها من قالها؟ وهل عَناها من تحدث بها؟. . . أما هناك فَنَعم؛ فما يقولها عربي في غير مصر إلا مؤمناً بها مستيقناً حقيقتها؛ وأما هنا فهل تسمعها إلا في معرض الزهو والعُجْب والخيلاء. . .؟
مصر زعيمة الأقطار العربية، ما في ذلك ريب ولا جدال. ولكنها زعامة الجاه والغنى والصيت البعيد. . . زعامة ليس لها تكاليف، وليس عليها واجبات، وليس من ورائها