للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أن تتفق على ذلك كل هاتيك المفاتيح؛ وإنها لفي أيدي مائة من الرجال مختلفين مبعوثين في مائة مكان مختلفة سحيقة؛ وإنهم ليفكرون فوق ذلك ليتبينوا أي اختراع في كافة نواحي العقل والمادة يمكن أن يضاف إلى ذلك ليكون استحالة هربه أكثر توكيداً مما هو عليه.

وحق لأبراهام أن ينطلق لسانه بمثل هذا الغضب، وأن تجزع نفسه لهذا الحكم فإنه ليراه ينطوي على كثير من المعاني وكلها على غير ما يحب لحزبه الوليد وللقضية الكبرى التي يتوقف على مآلها مصير البلاد. أليس يقضي هذا الحكم بأن المجلس التشريعي للولايات هو الذي يحدد من غير قيد ماذا تكون عليه حال الولايات من حيث مسألة العبيد؟ وإذاً فما قيمة اتفاق سوري، ثم ما نصيب هذا الحزب الجديد من القرب أو البعد من روح القانون وهو الذي يجعل اتفاق سوري القاعدة التي يصدر عنها في أعماله؟

إنها في الحق لمعضلة؛ ولكن هل كان يضيق هذا القلب الكبير بالمعضلات؟ وهل يتخاذل إيمانه لدى الصعاب وهو الذي يفل الصعاب وينهض لجسيمات الأمور؟ كلا، إنه ليحس قوة نفسه تعظم بقدر ما تعظم الشدائد. وهو كغيره من أولي العزم من الرجال لا يتذوق حلاوة النصر إلا في مرارة المقاساة. . .

وظلت الأحداث تأتي بعضها في أثر بعض، فهذه كنساس تتوثب فيها الفتنة ويتحفز الشر، راحت تضع لها دستوراً فأخذت تختار من رجالها من يعقدون مؤتمراً لهذا الغرض، فانظر كيف يحال بين الأحرار وبين أمانيهم بالقوة المادية فيجري الانتخاب فيها على صورة تشعر النفوس البريئة بالألم اللاذع أن ترى الأغراض الوضيعة تنزل فيها بالعقلاء من البشر إلى مرتبة البهائم، ويبيت الناس وكأنما لم يكن الوجدان يوماً ناحية من نواحي نفوسهم. فهم في ضراوتهم وبهتانهم يظهرون في مظهر تخجل منه الآدمية التي تشعر بحقيقتها

ويأبى الرئيس بيوكانون إلا أن يعتمد قرار المؤتمر فيقبل الولاية في الاتحاد على أنها إحدى الولايات التي تأخذ بنظام العبيد كما جاء في دستورها! ولشد ما تألم لنكولن لهذا، ولكنه كان عنده ذلك الأم الذي يلد العمل ويبعث الأمل ويغري المجاهدين بالجهاد؛ ولولا أن كان من المؤمنين الصادقين لتطرق إلى نفسه الوهن ومشى في عزمه اليأس. . .

ووثب لمناهضة دستور كنساس رجل آخر يعد موقفه في ذلك غريباً لأول وهلة، وذلك هو

<<  <  ج:
ص:  >  >>