وأرزاقهم ولجئوا إلى الصحراء، ولما دخلها ديمتريوس لو يجد فيها سوى العجزة، الذين افتدوا أنفسهم بالمال، ورجع عنهم إلى دمشق
وفي عام ٢٨٦ ق. م. ارتقى عرش مصر بطليموس الثاني فأغار على بلاد الأنباط غير مرة ولم يتمكن من اكتساحها فعمد إلى محاربتهم اقتصادياً، إذ استولى على طريق تجارة الهند، فانحطت معنوياتهم، ونالتهم الأزمة، ثم دخل البطالسة حرباً جديدة ضد السلوقيين في سوريا، فاستغل النبطيون هذه الفرصة إذ استرجعوا مكانتهم الاقتصادية وبسطوا نفوذهم حتى بصرى شمالاً وفلسطين غرباً، وأخيراً عهد إليهم المصريون البطالسة بحراسة الحدود المصرية، فصار أمة ذات هيبة وشأن
أما أشهر ملوكهم بعد ناطمو فكان (أرطاس الثاني)، وفي عهد هذا الملك الذي امتد حكمه من (١١٠ - ٩٦) ق. م وفي عهد خلفائه: أوبيدس الأول؛ وروبال الأول؛ وأرطاس الثاني بلغت دولة الأنباط أوج رفعتها وعلائها، إذ كانت متمتعة بالاستقلال الناجز التام، كما كانت اقتصادياتها، في حالة ممتازة، وفي عهد اسكندر جانوس عمت الفوضى والانحلال الحكومة السورية البيزنطية، واشتدت كراهية السوريين للمستعمرين البيزنطيين، حتى إنهم كانوا عوناً لكل خارج عليهم أو طامع في مناوشتهم، ولذلك لم يلق الحارث فيلهلين (٩٥ - ٥٠ ق. م) مقاومة عنيفة. حين زحفه على الشام. بل سرعان ما سلم له السوريون مقادة أمرهم ومقاليد دولتهم، ليتخلصوا من ظل الإرهاق البيزنطي الممقوت. وقد تولى سوريا من بعد الحارث خمسة ملوك نبطيون، وهم: مالك (٥٠ - ٣٨ ق. م) وعبادة (٣٠ - ٧ ق. م) والحارث الثاني الملقب بفلوديموس (٧ق. م - ٤٠ ب. م.) ومالك (٤٠ - ٧٥ ب. م) ودابل (٧٥ - ١٠٦)
وقد كانت مملكة الأنباط ممتدة من جنوبي أرنون إلى مدائن صالح، والجزء الجنوبي من شرقي الأردن الواقع شرقي الخط الحجازي حتى دمشق وبصرى، وجبل الدروز، وفي عام ٦٧ ق. م. اتفق الحارث فيلهلين مع الفرس على أن يساعدوه في استرداد بلاده التي اغتصبها اسكندر جانوس، فجهز جيشاً مؤلفاً من الأنباط والفرس يبلغ (٥٠ ألف محارب)، وسار على رأسه لحصار أرسبيلوس في قصره، ولكنه رجع من حصاره مغلوباً
وفي عام ٦٤ ق. م بينما كان بومي مشغولا بتسكين ثورة اليهود في فلسطين، جهز جيشاً