للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بصديق لي منهم دعوته إلى رؤية قطعة من الأدب الحديث على مسرح الأوبرا أو مشهد من مشاهد التاريخ على الستار الفضي فكان جوابه أن في القرآن ما يغنيه عن رؤية كل ما في دور التمثيل والسينما؟؟ وما بالك بأئمة المساجد في القرى يتلون على الناس خطباً منبرية لا يهبطون فيها إلى مستوى عقلهم إلا فيما شذ وندر؟؟ وما بالك بتلك الروح روح التعصب الديني - ينفثها رجال الدين في الصدور فتقيم بين أبناء الوطن الواحد حاجزاً من الكراهية وعدم الثقة والمقت والازدراء؟ وأخيراً ما بالك بذلك الصدر الضيق لا يتسع للنقد ولا للاجتهاد، وبتلك البدع الدينية الكثيرة التي ليست من الدين في شيء، وبهذه وتلك مما تعرفه أنت وتعلم أنه يغضب الله والرسول؟؟

تلك يا عزيزي نتيجة التعليم الديني في معاهدنا قد عرضتها عليك في شيء من الجرأة والحياء فهلا ترى أنها نتيجة أليمة تحتاج إلى التعديل السريع ما دام الأمر لا يقتصر هنا على علاقة المرء بربه، بل يمتد ويمتد إلى صلة الأفراد ببعضهم وإلى رقي الدولة وانحطاطها؟؟

(ب) الأخلاق المدنية

والأخلاق مظهر قوي للعاطفة؛ فإذا هي فقدت منبعها الديني فماذا يتبقى لها غير الضمير الشخصي والاجتماعي؟؟ لنبحث إذاً في أخلاق الخريجين الموظفين منهم وغير الموظفين فسنجد كذلك عجباً. كم منهم من (يشعر بواجبه) شعوراً حقيقياً وينطلق إلى أداء هذا الواجب بإخلاص تام وهمة عالية؟؟ وكم منهم قد وضع لنفسه (مثلا أعلى) فهو يسعى لتحقيقه، ويصدر عنه في جميع أفعاله، ويتحمل الآلام في سبيل الذود عنه، ويعمل على نشره بين أهله وذويه متخذاً لنفسه في حياته رسالة شريفة يحيا من أجلها ويموت؟! الحق أناّ مصابون في هذه الناحية بأخبث الأمراض وأشنعها وأكثرها دماراً ووبالاً. وحسبك أن تنظر في قوائم الإهمال والتقصير، والتزوير والتدليس، والتلاعب والاختلاس، والأقارب والأصهار، حتى يقف شعر رأسك فزعاً ورعباً من تلك الفوضى الخلقية التي تسيطر على رجالنا وتسير بسفينتهم إلى بحر الظلمات!! ألا يختلس المختلسون آلاف الجنيهات من مال الدولة الحرام؟ ألا ينحط الخلاف السياسي إلى جرائم الإفك والزور والكذب والاحتيال؟ ألا تباع الضمائر والأقلام في سوق المال بيع الأغنام؟؟ ألا ترتفع الشكوى لأولي الشأن دون أن يسمع سامع

<<  <  ج:
ص:  >  >>