للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تحتمل التكرار، وليست طريقة خلقة البر كار. العبد سلاسل من أيامه، والقضاء والقدر ورد لسانه، وهمة الحر مثيرة على القضاء قصور يده الحادثات كما تشاء. الماضي والآتي ماثلان لديه، والآجل عاجل بين يديه. . .

نضر الله عهداً كان سيف الزمان، حليف أيدينا على الحدثان، فبذرنا الدين في أرض القلوب، ورفعنا الحجاب عن وجه الحق المحجوب. . .

وحلت عقدة الدنيا أناملنا، ونظر وجه الأرض سجودنا وشربنا الصهباء من دن الحق، ثم سرنا بنشوته بين الخلق، يا من أترعت كأسه الخمر المعتقة، وأذابت كأسه الصهباء المحرمة، وملأه الكبر والغرور، فعيرنا بالفقر والمتربة. لقد كانت كأسنا كذلك زينة المحافل، يوم كنا وصدرنا بالقلب آهل، وثار من غبار أقدامنا عصر حديد، ينجلي بكل أمل بعيد ورويت مزرعة الحق بدمائنا، وسعد عباد الحق ببلائنا، ودوى العالم بتكبيرنا، وعمرت كعبات من ترابنا. وأنزل الحق كلمة (أقرأ) فينا، ثم قسم رزقه بأيدينا. فإن يكن ذهب منا الخاتم والتاج، فلا تحقر ذلك الفقير المحتاج. إن نكن يزعمك مفسدين، وبالأفكار العتيقة مغرمين، فنحن لا نزال الأحرار أنصار التوحيد، قوامين على العالمين والله شهيد

فرغنا من غم اليوم والغد، وحالفنا الله الأحد، فنحن في قلب الحق سر مكنون، ونحن ورثة محمد وموسى وهارون. لا يزال نورنا في الشمس والقمر مصوناً، ولا يزال سحابنا بالبرق مشحوناً

إن ذات المسلم مرآة الحق. وإن وجود المسلم من آيات الحق

هذه أمثلة قليلة من شعر إقبال، ولإقبال من الآراء والفكر والخيالات ما يستعصي على الحصر. ولكن يستطيع دارس شعره أن يقول إن أدبه يتناول العالم كله، وأن فلسفته تقوم على قواعد أبينها القوة - قوة الفرد وقوة الجماعة وقوة الأخلاق - والاستقلال الذي لا يعرف التقاليد، والحرية التي لا تضيقها قيود، والجمال في الأنفس والآفاق

ومقصده الأعلى تهذيب الإنسان وخاصة المسلم، يشرح له من حقائق الحياة، ويبين له من مثل الفضيلة، ويكشف له ن أسرار الإسلام ومجد المسلمين الأولين حتى يملأه قوة وحماساً وأملاً وإقداماً، ثم يوجه في معترك الحياة إلى الغاية التي عندها شرف الدنيا والآخرة. وليس يتسع المقام لتفصيل الكلام في فلسفة هذا الرجل العظيم وأدبه. وعسى أن أوفق إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>