شذرة من الماس الوضاء، فخيل إليه العطش أنها ماء، وخدعت الطائر المجهود هذه الشذرة المتلألئة كالشمس فتوهم الحجر الصلب ماء سائلاً، وغره من هذا الجوهر بريقه فضرب بمنقاره فلم تنقع غلته. قالت الماسة: أيها الطائر المسحور! لشد ما ضربت بمنقار الغرور! لست قطرة من الماء، ولا مشربة للظماء ليست حياتي من أصل غيري. إن محاولة التقاطي جنون وغرور، وغفلة عن الحياة الذاتية الظهور. إن مائي يكسر من الطير منقاره، ويصدع من الإنسان جوهر روحه. خاب أمل الطائر فأعرض عن هذه الشذرة الوضاءة، وانقلب الأمل في صدره حسرات، واستحالت أنيناً من النغمات. ثم بصر بقطرة من الطل على فنن من الورد تتلألأ كدمعة في عين البلبل ضياؤها أفناناً في وهج الشمس وهي من خوف الشمس في رعده كوكب ولدته السماء فلبث لمحة في نشوة الظهور والضياء، وخدعته ألوان الأكمام والأزهار فلم يأخذ من الحياة نصيباً كدمعة العاشق العليل، زانت الهدب لتسيل.
ويسرع الطائر إلى فنن الورد فيلتقط قطرة الندي
أيها المبتغي نجاة من الأعداء!! خبرني أجوهر أنت أم قطرة من ماء. ألم تر إلى الطائر حين أذاب العطش مهجته كيف وقي بحياة غير حياته؟ لم تكن القطرة في صلابة الجوهر، ولكن كانت الماسة صلبة المكسر
فلا تغفل عن حفظ الذاتية لمحة، وكن قطعة ماس لا قطرة
كن ناضج الفطرة راسخاً كالجبال وتحمل بحاراً من السحاب الهطال. وجد نفسك تقوي نفسك واستحل فضة بجمود زئبقك. أظهر نغمة الذاتية من أوتارها، وتجل للناس بأسرارها
في الكلام على الوقت
اسمع نكتة تضيء كالدر، لتعرف فرقا ما بين العبد والحر: العبد ضال في الليل والنهار، والزمان في قلب الحر ضال. العبد ينسج من الأيام كفنه ويخيط الليل والنهار على نفسه، والحر يخلع نفسه من الطين ثم ينسج على الزمان محرابه المتين. العبد طائر في شبكة الصباح والمساء، حرمت روحه لذة السبح في الهواء وصدر الحر الهمام، قفص لطائر الأيام. فطرة العبد تحصيل الحاصل، وخواطره تكرار قاتل. مقامه من الجمود واحد، وصوته بالليل والنهار راكد. والحر كل حين خلاق، يسكب نعمه مجددة في الآفاق. فطرته