فمن أين يدرك قارئ ما في مثل هذه القطعة من جمال، قبل أن يعرف المادة الخاصة لفهمها من دراسة (الضوء) وتوزيعه وأثره في الأحياء وغير الأحياء، ونصيب الزهرة منه ونصيب اللؤلؤة، ثم يضيف إلى هذا عاطفته هو، وإحساسه بمظاهر الحياة وعطفه على الزهرة الحية التي تحفظ كنز النور بالعطف والحنان. . . الخ
وقد اخترت هاتين القطعتين، تتطلبان دراسة علمية للنفس أو للضوء، ووراءهما كثير مما يتطلب دراسات أخرى أعمق وأوسع وأرقى في مدارج المعرفة الإنسانية، فيحسن أن أنبه إلى أن هذه الدراسات ليست هي كل ما في نتاج العقاد، ولا هي خير ما فيه، فأن وراءها ذخيرة نفسية وطاقة روحية، وإشراقاً ذهنياً، وهذه المواهب هي التي تحيل تلك الثقافات فناً سائغاً، ولكنه فن صعب المرتقى؛ تبدأ درجاته بالثقافة وتنتهي بفسحة النفس، ورحابة الحس، وتوفز الشعور. وليس كل من درس تلك النظريات بقادر على فهم العقاد ما لم يكن ذا نفس وقلب وحياة!
وموعدي مع القراء كلمات أخرى، لعلني بها أوضح الفروق الأساسية بين المدرستين، فينكشف سبب الخلاف الأصيل بينهما، ومقدار أصالة كل منهما، وحقه في الحياة والاحترام.