هو حل تلك المسألة بما يتفق مع الصالح العام على أن يكون ذلك في كنف الاتحاد وتحت رايته التي لا يرضى إلا أن تظل خافقة عالية تجمع على محبتها وإكبارها أبناء الوطن كله
وعول دوجلاس أن يخوض المعركة على أساس خصومته لبيوكالون في مسألة دستور كنساس، لا على أساس مخاصمته لنكولن أو مخالفته فيما جاء في خطابه الجديد من أراء كأنه يستعظم أن يكون ذلك الرجل الذي ما زال شأنه منحصراً في ولايته نداً له؛ وإن كان دوجلاس ليحس بينه وبين نفسه مبلغ ما تتطوى عليه نفس الرجل من عظمة ومبلغ ما يحمله قلبه من إيمان
ولقد شاع خطابه في الناس وتناقلته الصحف في طول البلاد وعرضها، فكان ذلك أبلغ رد على ترفع دوجلاس وذهابه بنفسه؛ وأحس إبراهام مبلغ ما أحدثه الخطاب من أثر في البلاد، لتبين ذلك في قوله: (إذا كان لي أن أمر بالقلم على صفحات تاريخي، وأمحو حياتي كلها عن الأنظار؛ وقد ترك لي أن أختار شيئاً استثنيه من هذا المحو فإني أختار هذا الخطاب فأدعه للعالم لم تذهب معالمه
وليس في قوله هذا شيء من المغالاة، فان خطابه كان أكبر حافز لأول الرأي أن يقفوا من مسألة العبيد موقف الذي يريد أن يصل إلى غاية، فلا تهاون ولا تلكؤ بعد اليوم، وإلا تفاقم الخطب واستعصي الحل، ودخلت البلاد في طور من الفوضى الجامحة فيأتي على الأخضر واليابس؛ كما أن هذا الخطاب كان أهم حادث في تاريخ حياته فبعده صار للسياسة كل همه، وبه قدر له أن يصير في السياسة من رجال أمريكا كلها لا من رجال الينواس فحسب. . .
ولقد خطب لنكولن بعدها في شيكاغو يرد على ما اتهمه به دوجلاس؛ فأعلن أن الوثيقة الكبرى التي يجب أن يتقيد بها الأمريكيون ويسيروا على نهجها هي وثيقة إعلان الاستقلال وأنه يجب أن ينظر إلى مسألة العبيد نظرة إنسانية، وأن يراعي اتفاق مسوري فيما يشجر بين الفريقين من خلاف
وتكلم دوجلاس بعد ذلك في بلومنجتن ثم في سبر نجفيلد، ورد لنكولن عليه في المرتين، حتى بدا له فخطا خطوة لم يسبقه إلى مثلها رجل من قبله في التاريخ السياسي للبلاد، وذلك أنه أرسل إلى دوجلاس رسولاً يعلن إليه أنه يتحداه أن يلتقي رأياه في مبارزة خطابية