للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يستمع فيها الناس إليهما ويحكموا بينهما حسبما يرون من كلامهما. . .

ولقد ضاق دوجلاس بهذا التحدي وهو الذي يعرف أصالة صاحبة وشدة إيمانه ذلك الإيمان الذي رسخ حتى ما يحتال عليه بحيلة أو تزعزعه مطاولة أو يفل منه جاه أو إغراء، والذي جعل كل وسيلة من وسائل المغالبة بحيث تكون منه كالموج من الصخر لا يلطمه إلا لينحسر عنه ولم يبق فيه من قوة الموج بشيء وأبي على دوجلاس كبرياءه وغلواؤه أن يتخاذل فيتخلف عن هذا النزال فقبله على كره منه قال: (سوف تصبح يداي مليئة؛ إنه رجل حزبه ذو البأس؛ ملؤه الذكاء والحقائق والتواريخ. . . وهو أمين بقدر ما هو أريب حذر، وإذا قدر لي أن أظهر عليه فسوف يكون انتصاري بشق النفس) وقال في موضع آخر (أني لا أحس - بيني وبينك - إني أرغب في الذهاب إلى هذا الجدال؛ إن البلاد كلها تعرفني ولقد سبق أن قدرتني وعرفت قدري؛ وأن لنكولن بالنسبة لي ليعد غير معروف، فإذا أتيح له أن ينتصر عليّ في هذا الجدل - وإني لأود أن أذكر أنه أقدر رجل في الحزب الجمهوري - فانه يكسب كل شيء بينما أخسر أنا كل شيء؛ أما إذا قدر لي الفوز فإني لن أغتم إلا قليلا؛ إني لا أحب أن أذهب في تلك المجادلة معه. . .)

ولكنه على الرغم منة ذلك لم يستطيع إلا أن يجيبه إلى ما طلب؛ وحددت سبع مدن يلتقي فيها الرجلان فيتناظران والناس من حولهما يشهدون ما يكون بينهما. وفرح لنكولن وقد أتيحت له أعظم فرصة ليعبر عما في نفسه؛ وأي فرصة هي؟ ألم يك دوجلاس في الناس أكثرهم استفزازاً له وادعاهم أن يبرز له ما استكن من مواهبه؟ ثم أليست هذه المجادلة كفيلة أن تجمع إلى أنصاره ومحبيه أنصار دوجلاس ومحبيه فيكون الكلام في حشد قلما يتسنى أن يلتقي على هذه الصورة؟ فإذا قدر له أن يكسب هذه القلوب أو أن يصل إلى إقناع هذه العقول فأي فوز هو وأي فخر؟

(يتبع)

الخفيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>