القلاع والأبراج والمعابد والأسواق، والمدارج الرائعة، التي لا تزال قائمة حتى اليوم دليلاً على غابر مجدها، وسالف عزها؛ وقد ساعدهم على ذلك ميلهم الفطري لنقل المتاجر على قوافلهم، وقلة المنافسين لهم، وتفرع طرق تجارية عظيمة بين عاصمتهم وبين سائر الأقطار الأخرى، فقد ذكر (موزل) في كتابه الصحراء العربية ص ٥١٥: أنه كان يوجد طريق معبد بين تدمر وبطرا، وأخرى بين بطرا وغزة إلا أن اشتطاط الأنباط في الأجور الغالية التي كانوا يتقاضونها على النقل، وكثرة المصارفات التي كانوا يرهقون بها المتاجر التي ينقلونها، قد حدث بالناس إلى التفتيش عن طريق آخر لحمل البضائع الهندية، فقامت بذلك تدمر وازدهرت حيناً من الزمن حتى عام ٢٧٣م. على حين تقهقرت حالة بترا التجارية الاقتصادية تقهقراً عظيماً. وفي عام ٤٥م اهتدى هبالوس إلى طريقة الاستفادة من فعل الرياح الموسمية في تسيير السفن، فقل بذلك شأن الطرق البرية عامة، وطريق بترا خاصة، وقد كان ذلك نهاية لعصر بترا الذهبي
أسماء بترا التاريخية
يغلب على الظن أن أول من دعا بترا بهذا الاسم هم الرومان، وذلك لأنها منحوتة في الصخر الأصم، ومعناه باللغة العربية (المدينة الحجرية). وذكرتها التوراة في سفر الملوك الإصحاح الرابع عشر، والعدد السابع باسم (سالع) وفي اللغة العبرية باسم (سلاع) كما ذكرت أيضاً أن أمصيَّا ملك يهوذا قد هجم على الآدوميين في وادي الملح وذبح منهم عشرة آلاف رجل وأنه زحف على سالع (بترا) واحتلها ودعاها (يوقتئيل). وذكر المؤرخ جورجي زيدان في كتابه (تاريخ العرب قبل الإسلام) نقلاً عن المقدسي والمقريزي: أن من أسمائها المشهورة عند العرب (الرقيم). وقد جاء ذكرها أيضاً في القرآن الشريف في سورة الكهف. وذكر المستر باري في كتابه (التاريخ الروماني المدرسي) ص٤٩٧: أن الإمبراطور هادريان قد زار بترا عام ١٢٩م، وأنها دعيت بهذا السم تخليداً لذكراه، كما ذكر أيضاً أنه أمر بسك نقود جديدة باسم بترا الجديد، وقد نقش عليها (هادريان متروبولس)
موقعها وأطلالها:
تقع بترا في الشمال الغربي من معان، وعلى بعد ٢٦٠كم من عمان عاصمة الأمارة