يسعنا بعد ذلك أن ننكر الواقع ونقول بأن الإنسان كان سيهتدي دون أن يهدي
أما ما قاله الدكتور بانزوفيل للمناظر مصرحاً له (بأنهم سيصلحون بالعلم من البشر ما عجزت الأديان عن إصلاحه منذ ألوف السنين) فقول يطرح على بساط البحث مسألة خطيرة لا نرى بداً من إلقاء نور المنطق السامي عليها.
إن العقلية الآرية المعززة بالعلم والثقافة العالية ستقطع دابر الأجرام بوسيلة علمية هي تعقيم المجرمين.
وأنا أحد أبناء هذه الأمة العربية التي يدعى الآريون قصورها في ميدان التفكير، أنا على ما أنا عليه من ضيق الاطلاع وفي قومي من رجال العلم من لا يشق لهم غبار، أستنير بعقليتي السامية وبأيماني في العربي المكين فأقول لعلماء الغرب لقد ضللتم
وأقول بخاصة إلى الدكتور بانزوفيل إنه مغرور بعلمه وإنه لا يداوي من العلة إلا أعراضها
إن الغرب يرى تكاثر عدد المجانين والبلهاء والمجرمين في شعوبه فلا يبحث عن منشأ العلة ليداويها بل يعمد إلى تعقيم ضحايا مدينته وثقافته ظناً منه أن هناك بعضاً من الأسر المصابة بداء وراثي وإنه إذا قضي على تناسلها خنقت العلة في منشأها!
ويل لهم! إنهم إذا استمروا على هذه المعالجة فأنهم سيعقمون ثم يستأنفون التعقيم إلى أن يقضوا على النسل بحجة تحسينه
إن للأجرام وللجنون وللبله جراثيم لم تتولد أصلاً من الأرحام.
ليفتشوا على هذا الجراثيم فأنني أراها بعين الخيال الشرقي والإلهام العربي مكبرة كالثعابين تتململ في المراقص وفي الحانات وفي المواخير التي أراها تكتسح هذه المعامل التي فتحت فيها الآلات أسواق النخاسة الفاتلة، أراها في كل مكان لا تسود عقليته الرحمة الموحاة من السماء، بل أراها حتى على فراش الزواج الذي أصبح تجارة وشركة بين أنانيتين.
ليعقموا ما شاءوا من المجانين والمجرمين، فإن هذه الحضارة التي أقامت العجل الذهبي لها إلهاً ستقذف للدكتور بانزويل وإخوانه بألوف من الزبائن لا ينتهي عددهم حتى ترجع مدنية الغرب إلى عقلية الشرق وثقافته
أما فرويد فنظريته صحيحة في هذه الأمراض النفسية التي تفتك فتكاً ذريعاً في أبناء المدنية