هو عندي محراب، وحيثما توجهت فثم وجه التاريخ، وأهل العراق هم في أنفسنا حماة الأدب في العصر القديم وأنصار الأدب في العصر الحديث
والمصريّ في العراق يرى وجه مصر في كل مكان: يراه في المدارس والمعاهد والمكاتب والملاهي والملاعب والأغاني والأناشيد، وجرائد مصر ومجلات مصر تقرأ في بلادكم وكأنها عراقية لا مصرية، فثقي يا ظمياء بوفائي وثقي بأدبي فسأحفظ ما طوقتم به عنقي من جميل
وقد نظرت فرأيت صحبة العراق كانت خيراً لكل من تشرف بها من أهل مصر؛ وما عاش مصري سنة واحدة في العراق إلا أصبح وفي دمه ذخيرة من النار والحديد؛ وما رآكم مصري واستطاع أن يذكركم بسوء في سر أو علانية
فماذا تريد ليلى أن تصنع معي يا ظمياء؟
ماذا تريد ليلى؟ ماذا تريد؟
إذا كان دمعي شاهداً على خداعي، فأين أجد الشاهد على وفائي؟
إن النساك يتقربون إلى أربابهم بالمدامع، فكيف لا يتقرب العشاق إلي أحبابهم بالمدامع؟
أواه من مصيري في هوى ليلاي!
سأرجع إلى وطني وأهلي مصدوع القلب مفطور الفؤاد وستعيش ليلى بعافية، وستنسى طبيبها الوفيّ الأمين
وكذلك كان حالي في كل أرض. كنت أغرس العافية في الأرواح والقلوب، وما عرفني إنسان إلا تحوَّل من غيّ إلى رشد، أو من هدى إلى ضلال. كنت أذيع الشرك في قلوب الموحدين، وأذيع التوحيد في صدور المشركين، كنت مَلَكا، وكنت شيطاناً، ثم أصبحت وأنا مجرد من سماحة الملائكة وسفاهة الشياطين
أدبتني ليلى، وبلائي في ذلك التأديب. أحبك يا ليلى وأهواك
- وتحبني أيضاً يا دكتور؟
- وأحبك أيضاً يا ظمياء، وأحب كل مخلوق في العراق حتى القيظ والزوابع والأعاصير. أحب البلد الطيب الذي أرهف قلمي، وصقل وجداني، واستطعت بفضل الله وبفضله أن أقنع أهلي في مصر بأن لي قلباً يعرف معاني الشوق والوفاء