للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تذكرنا بهذه الأملوحة في (عيون الأخبار) لابن قتيبة: (نافر رجل من جَرم رجلاً من الأنصار إلى رجل من قريش، فقال القرشي للجرمي: أبالجاهلية تفاخره أم بالإسلام؟

قال: بالإسلام

قال: كيف تفاخر وهم آووا رسول الله ونصروه حتى أظهر الله الإسلام؟!

قال الجرمي: فكيف تكون قلة الحياء. . .؟)

أفظعت (موازنة العثرات) وارتقت المرتقبون البيان الحق والقول الفصل في ذاك الهزل، فظهرت في جريدة (كوكب الشرق ١٢ رجب ١٣٥٢) كلمة عنوانها (قالته الفارسية، وتنكره العربية، القتل أنفى للقتل) أعلن فيها أن هذه المقولة ليست جاهلية ولا عربية ولا مولدة، وأنها مترجمة. ومما قالته الكلمة: (أُجل العربية المحكمة المبينة أن تقول هذا القول: (القتل أنفى للقتل) إنها لا تعرفه، إنها تنكره، ولو قالته - وهو يبدو حكمة ومثلاً - لروته رواتها، فلا الميداني صاحب (مجمع الأمثال) عرفه، وقد جمع في كتابه أكثر من ستة آلاف مثل، ولا ابن عبد ربه سمع به، ولو نمى في (الجزيرة) لانتظمته (جوهرة أمثاله) ولا أبو بكر البلاقلاني اشتمل عليه كتابه (إعجاز القرآن) ولا عبد القاهر أشار إليه في (دلائل الإعجاز) ولا (كشاف جار الله) وجدناه فيه. ودع كلام الذائدين عن (الكتاب) في إيراده معزوّاً إلى العرب وما سطروا. إنه قول ما قالته العربية ولا مولدوها، وإنما هو كلام فارسي نقله الناقل - وربما أخطأت الترجمة - ورائحتها فيه تكاد تفوح. ولو قالته العربية ما قالت: (القتل أنفى للقتل) وهي تريد أن القتل يزيل القتل، أو يستأصله أو يفنيه، ونفى القتل لا يبيده، ونفى المجرم القاتل لا يريح الناس منه. . . ومادة (ن. ف. ى) كاشفة ما يلتبس)

وقالت الكلمة: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب - قول عربي، قول قرآني لا يستقل بوصفه - إذا احتيج إلى وصفه - إلا بلاغة النبي، بل هو يصف نفسه، ويعلن فضله، وينادي إعجازه على إعجازه و (القتل أنفى للقتل) قول فارسي، نقله مترجم عربي، وفيه ضعف. معناه كريم، ولفظه لئيم، قاله (أردشير) الملك. قال الإمام الثعالبي في (الإيجاز والإعجاز): من أراد أن يعرف جوامع الكلم ويتنبه لفضل الاختصار، ويحيط ببلاغة الإيماء، ويفطن لكفاية الإيجاز - فليتدبر القرآن، وليتأمل علوه على سائر الكلام، فمن ذلك قوله (عز اسمه): ولكم في القصاص حياة. ويحكى عن أردشير الملك ما ترجمه بعض

<<  <  ج:
ص:  >  >>