البلغاء أنه قال:(القتل أنفى للقتل) ففي كلام الله تعالى كل ما في كلام أردشير وزيادة معان حسنة، منها إبانة العدل بذكر القصاص، والإفصاح عن الغرض المطلوب فيه من الحياة، والحثَّ بالرغبة والرهبة على تنفيذ حكم الله والجمع بين القصاص والحياة، والبعد من التكرير الذي يشق على النفس فان في قوله القتل أنفى للقتل تكريراً، غيرهُ أبلغ منه)
وأشارت (الكلمة) في (الكوكب) إلى إيجاز الآية الكريمة وإعجازها، وروت قولاً لصاحب (دلائل الإعجاز) في (الموازنة بين بعض الآي وبين ما يقوله الناس في معناها) ونقلت كلام (الكشاف) في تلك الآية المعجزة
ثم ظهر مقال بليغ فائق للأستاذ الرافعي (رحمة الله) في جريدة البلاغ (١٥) رجب سنة ١٣٥٢ عنوانه (كلمة مؤمنة في رد كلمة كافرة) قال فيه: (لقد تنبأ القاضي الباقلاني قبل مئات السنين بمقالة الكوكب هذى فأسلفها الرد بقوله: فان اشتبه على متأدب أو متشاعر أو ناشئ أو مرمد فصاحة القرآن وموقع بلاغته وعجيب براعته - فما عليك منه، إنما يخبر عن نفسه ويدل على عجزه، ويبين عن جهله، ويصرح بسخافة فهمه وركاكة عقله)
وقال الأستاذ الرافعي (رحمه الله): أنا أقرر أن هذه الكلمة مولدة وضعت بعد نزول القرآن الكريم وأخذت من الآية، والتوليد فيها بيَّن، وأثر الصنعة ظاهر عليها، فعلى الكاتب أن يدفع هذا بما يثبت أنها مما صح نقله عن الجاهلية)
ثم أوضح (رحمه الله) وهن الكلمة الفارسية أيما إيضاح، ثم أبان ببيانه العالي فضائل الآية الكريمة ومما قاله:
(ومن إعجاز هذه اللفظة أنها باختيارها دون كلمة القتل تشير إلى أنه سيأتي في عصور الإنسانية العالمة المتحضرة عصر لا يرى فيه قتل القاتل بجنايته إلا شراً من قتل المقتول، لأن المقتول يهلك بأسباب كثيرة مختلفة على حين أن أخذ القاتل بقتله ليس فيه إلا نية قتله، فعبَّرت الآية باللغة التي تلائم هذا العصر القانوني الفلسفي، وجاءت بالكلمة التي لن تجد في هذه اللغة ما يجزئ عنها في الاتساع لكل ما يراد بها من فلسفة العقوبة)
(إن لفظ (حياة) هو في حقيقته الفلسفية أعم من التعبير (بنفي القتل) لأن نفي القتل إنما هو حياة واحدة، أي ترك الروح في الجسم، فلا يحتمل شيئاً من المعاني السامية وليس فيه غير هذا المعنى الطبيعي الساذج، وتعبير الكلمة العربية عن الحياة (بنفي القتل) تعبير غليظ