تستطيع أن تتصور اتزاناً واستقراراً في ناحية البرامج المدرسية إلا إذا كان مصدر هذه البرامج لجنة فنية راقية ثابتة تمثل جميع الهيئات المتصلة بنواحي التعليم كالمدرسين والنظار، وعمداء الكليات ورؤساء النقابات، ورجال الأعمال وزعماء الأحزاب والأديان؛ فإذا ما أوجدنا مثل هذا المجلس أمكننا أن نوفق بين تجارب المدرسين والنظار ورؤساء الأعمال، وبين الخطط الدراسية والمناهج التعليمية وحاجات البلاد، وبذلك تكون لدينا غاية معلومة لها فلسفتها الخاصة، وخطة مرسومة توصل إلى هذه الغاية، واستقرار دائم يساعد على إحكام التجارب ويغذي مختلف النواحي بما يحقق نجاحها المنشود! أما الاقتصار على عدة لجان تمحو اليوم ما قررته بالأمس، وتسير بالسياسة العامة للتربية على غير هدى من التجارب الكافية أو الغايات الاجتماعية والاقتصادية والفنية المختلفة، فذلك كما ترى فصل بين المدارس والمجتمع، وإغفال لأسس وطيدة لا سبيل إلى النجاح والاستقرار بدونها
فترى هل يعمل معالي الوزير الحالي على تكوين هذا المجلس بعد أن توانى في تكوينه الوزراء السابقون؟ أملنا في معاليه كبير!
٢ - قضية المعلمين
وأحسب أن أول ما يجب أن ينظر فيه هذا المجلس هو قضية المعلمين. وذلك أنك قد علمت فيما مضى أنهم اليد العاملة في تكوين النشء الموموقين، وأن عدم التدقيق في اختيارهم، وعدم إنصافهم في أجورهم وترقياتهم وأعمالهم، كل ذلك قد جعلهم متذمرين من مهنتهم، ناقمين على القدر الذي ابتلاهم بها، مؤدين لها أداء ناقصاً مشوهاً لا يكاد يتفق في الكثير من الأحيان مع تلك الأصول النظرية العامة التي درسوها في مدارس المعلمين ومعاهد التربية! لذلك يجب أن تعمل الدولة على مساواتهم بطوائف القضاة والأطباء والمهندسين؛ ويجب أن تقلل جهد المستطاع من عملهم الشاق العسير؛ ويجب أن تحذف من حياتهم تلك الأعمال الكتابية الآلية التي تمطرهم بها إدارة المدرسة مراراً أثناء العام الواحد!، ويجب أن تشركهم إشراكا فعلياً في وضع المناهج واختيار الكتب، ويجب أخيراً أن تصغي لاقتراحاتهم كما تصغي لرجال الطب أو القانون!
أما المعلمون فيجب أن يتحدوا وينظموا أنفسهم تنظيماً يعلي من شأنهم الأدبي والمادي ويرفع من قدر مهنتهم في عين الحكومة والشعب، كما يجب أن يحرصوا دائماً على التحلي