أما خطة الدراسة ذاتها فيجب أن تتغير وتتطور حسبما تتطلب النتائج الباهرة التي تمخضت عنها طرق التربية الحديثة كطريقة (المشروعات) أو طريقة (دالتن)؛ وقوام الطريقة الأولى هو جعل الدراسة علمية تجريبية ترتبط فيها المواد ارتباطا معقولا، ويقوم الطلبة بدراستها كما لو كانوا يتعاونون معا في دراسة مشروع ما تحت إرشاد مرب حكيم؛ وقوام الطريقة الثانية هو الاعتراف (بفردية) الناشئ وتعويده على الدراسة الشخصية، وفتح المجال أمام ملكاته وقواه كيما يصير في طريقه الخاص مستنيرا بإرشاد صديق قدير هو الأستاذ العزيز!! هذا إلى أنه ينبغي كذلك أن نحرص على دراسة ميول الطلبة وعلى توجيههم توجيهاً سليماً بفحص ذكائهم، وكشف استعداداتهم، وإسداء مختلف النصح لهم ولذويهم كيما يدرسوا وينبغوا ويوفقوا في حياتهم الخاصة والعامة توفيقا سعيداً؛ أما حشد الطلبة في الفصول دون التفريق بين ذكيهم وغبيهم، وضبهم جميعاً في قالب واحد تنمحي فيه شخصياتهم، وتيسير العلم لهم وحشوه في أدمغتهم على نحو يشل فكرهم ويميت حماسهم وشعورهم، ثم جعل نظام المدرسة بعد هذا آليا لا وجود فيه للواجب والمسئولية والديمقراطية، فذلك كما تري أسوأ ما يمكن أن يتصور في هذه الأيام التي تقدمت فيها بحوث التربية وعلم النفس تقدما عظيما، والتي يدوي صوت رجال التربية والاجتماع بضرورة جعل المدرسة صورة مصغرة للمجتمع البشري في تطوره وتجدده وعلاقات أفراده بعضهم ببعض وبالدولة!
٧ - مراعاة حاجات البلاد:
وينبغي بعد هذا أن نعمل مراعاة على مراعاة حاجة البلاد من الخريجين في مختلف نواحي النشاط المختلفة حتى لا نقع فيما نحن فيه الآن من أزمة المتعلمين العاطلين. وذلك بتحديد عدد المقبولين في المدارس الفنية المختلفة حسبما تتطلب الحاجة المستنيرة بحقائق الإحصاء الماضي والحاضر، وحسبما تدل دراسة ميول المتقدمين الحقيقية واستعداداتهم. أما ترك الأمر فوضى وقبول الطلبة في كليات الطب والعلوم والزراعة والتجارة تبعاً لارتفاع (مجموعهم) أو انخفاضه فذلك كما ترى السبب في قلة التبريز عندنا وكثرة العاطلين.