تفكير أوربا، فكان نجاحها وقفاً على الآلة التي استعبدت أهلها فعاشوا ثمانين مليوناً من البشر في مرتبة أحط من السوائم والحيوانات إذ لم يرتفعوا إلى مرتبة الشعور بالحياة الإنسانية وكرامتها والنضال من أجلها كما هو الحال في أوربا حيث يعمل العامل للتحرير من استعباد الآلة
أظن أني خرجت عن الموضوع
إن ثقافة اليوم من حيث أنها تتبع العلم لا يمكن تخليصها من آثار العلم، والثقافة الأدبية يغزوها اليوم العلم بمنهجه الصارم ومنطقه، فمن الخطأ أن نفرق بين الثقافة من حيث أنها نتيجة معاشية وأسلوب في الحياة وبين العلم ومنطقه وهي أداة اليوم للعيش والحياة
إن الفرق بين الشرق والغرب ينحصر في هذا وحده: الغرب يقيم الحياة على أساس إنساني ويترك للعلم أن ينظم الصلات الإنسانية بين البشر؛ والشرق يقيم الحياة على أساس غيبي ويترك للغيبيات تنظيم الصلات بين البشر. الغرب يقيم حياته على أساس من التفكير في إيجاد التكافؤ بين حاجاته ومحيطه مستخدماً في ذلك العلم؛ والشرق يقيم حياته على أساس من التواكل. ولهذا لما أخذت اليابان الآلة لم تعمل على إيجاد التكافؤ بين الحياة الجديدة التي دلف إليها اليابانيون وبين حاجات هذه الحياة الجديدة، لأن التواكل هنالك يقوم مقام العمل والتفكير، فكانت نتيجة ذلك أن استعبدت الآلة أهل اليابان
لا أرغب في التوسع أكثر من هذا في هذا الموضوع الآن
في ضوء ما قدمت يفهم معنى عبارتي:(للشرق روحه الذي يستوحيه أبناؤه نزولاً على فطرتهم، وللغرب منطقه الذي يستنير به أفراده نزولاً على وحي مشاعرهم)، تلك العبارة التي جعلت مناظري يستغرب مقالي لأن فيه حصراً للمنطق في الغرب. وفي الواقع ما هو حصر للمنطق فيهم، ولكن شاء الشرقيون أن يحصروه فيهم متبعة لدعوات خطيرة مثل التي يقوم بها اليوم الأستاذ فليكس فارس!
المنطق مشاع بين الأمم، ولكن يجب أن تمرن الأمم عليه قبل أن تصبح متغلغلة في تفكيرها، إذ ليس المنطق أسلوباً في التفكير يتبع وأقيسة يجري عليها، إنما هي قبل هذا كله ميل عقلي واتجاه ذهني يمكن أن يكتسب
أما قول مناظري (وما اخترع الغرب المنطق ولا هو أوجد التفكير العلمي) فذلك مجانب