ثم كل أسبوعين، ثم كل شهر. حتى كبر الطفل وأصبح يستطيع أن يتناول قطعة الحلوى بدون مساعد. ولكنه ظل على طبيعته المعتادة يستعين بالكرسي.
وبعد حين أقصى عنه الكرسي. . فضحك الطفل ومد يده وتناولها. واستمرَّ على وضع قطع أخرى، في أمكنة مختلفة، واستمرَّ الطفل على تناولها بيده. ثم أبعدها عنه حتى صار لا يستطيع أن يمسها بيده. وحينئذ فكر الطفل وأوحي إليه ذهنه أن يستعين بها. . . وهكذا بقي خمسين شهراً يكرر التجربة نفسها. وفي المرة الأخيرة أحضر جمعاً من علماء النفس والتربية وعلق قطعة من الحلوى في سلك مرتفع بحيث لا يقدر الطفل أن يتناولها. . . وعندما أمره بأخذها، شرع يستعمل جميع الوسائل التي اعتادها قبلاً دون تفكير في إفادتها. وبعد لأي وقف قليلاً صامتاً، ثم طفق يبكي ويلتفت إلى الحاضرين. . . وعندئذ قام وشرح أمره، وصرح في النهاية بأن جميع الطبائع والعادات كالمشي، والبكاء، والضحك وما شاكلها منبعثة عن العقل. وعلى هذا فطبيعة الأديب مستمدة من الفكر ومسيرة بأوامره. كما يتعين أن يكون (أدب الطبع) جزءاً من (أدب الذهن)
وإني لأنصح لحضرة الأستاذ سيد قطب أن يرجع لمؤلف وإلى غيره من كتب البسيكلوجيا التطبيقية فإنه لواجد فيها ما يبطل زعمه، ويعود به إلى حظيرة الحق والسكون
وبعد، فهذه نظرة قصيرة أحببت أن أشعر بها حضرة الأستاذ بأنه - نظراً لكتابته وما حشاه فيها من (الأفكار) المضطربة ما يزال بعيداً عن النقد والحكم البريء، عساه أن يجنح إلى السلم، ويعدل آراءه على ضوء المنطق، ويقين الملاحظة
وإن لي رأياً في أدب العقاد، وأدب الرافعي، كونته من مطالعتي لهما. سأعلنه متى قضت الظروف