للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولو كان لي شيء من الأمر في حكومة العراق لأجريت نهر السدير من جديد لأنقش في وجه الزمن ذكريات النعمان

مضينا إلى أطلال الخورنق مع سائق جهول فقادنا إلى مكان موحش، فقال الرفاق: ليس هذا مكان الخورنق. فقال السائق: أنتم تبحثون عن أحجار، وههنا أحجار!

صدقت أيها الجهول، فنحن نبحث عن أحجار، ولكننا نبحث عن أحجار نواطق!

عندئذ تذكرت فراعين مصر، فقد كانوا يدركون أن الزمن لئيم غدار، وأن التاريخ كلام في كلام، فبنوا أهرامهم وقصورهم بأساليب يعجز عن فهمها الزمان

وقد تقوضت آثار الملوك في المشرقين والمغربين وعجز الدهر الغادر عن هدم آثار الفراعين

ما أشقاك في دنياك وأخراك أيها النعمان! أنت قتلت سِنِمَّار ليبقى سر الخورنق، فهل بقي الخورنق؟

ليتك استعنت الجندي المجهول في وادي النيل، ليتك بنيت هرماً يعجز اللئام عن نقل أحجاره ليبنوا بيوتهم الخاوية

أيها النعمان، سلام عليك من شاعر مصري يبكي لمصيرك في التاريخ!

أيها النعمان، أيها الملك العربي العظيم، أين الخورنق وأين السدير. . .؟

اعترف أيها الملك بعظمة الشعر والشعراء، فنحن الذين حفظنا مكانك في التاريخ، ولولا الشعراء لطمس الزمن مكانك في التاريخ

وفدت على أطلال قصرك وأنا جائع ظمآن فما تزودت غير الأسى والأنين

وفدت على أطلال أنكرتها العين، وعرفها القلب

وفدت على أطلال لم يعرفها جيرانك من أهل النجف، وعرفها شاعر مصري مظلوم ينكره أهله، كما أنكرك أهلك

فيا زميلي في البؤس والشقاء، سلام عليك

ثم مضينا نمتع النظر بطغيان الفرات، وأين طغيان الفرات من طغيان قلبي!

هذه الكوفة الاسلامية، وتلك الحيرة الجاهلية، وأولئك الغافلون من العرب والمسلمين. فيا رب الأرباب أنقذ عبدك المسكين من ظلم الجحود والعقوق

<<  <  ج:
ص:  >  >>