الشعب؛ قال إبراهام:(مبدأ سيادة الشعب معناه حق الشعب أن يتولى حكم نفسه، فهل اخترع ذلك القاضي دوجلاس؟ كلا؛ فلقد اتخذت فكرة سيادة الشعب طريقها قبل أن يولد صاحب مشروع نبراسكا بعصور، بل قبل أن يطأ كولمبس بقدميه أرض هذه القارة. . . فإذا لم يكن القاضي دوجلاس هو مخترع ذلك المبدأ فدعنا نتتبع الأمر لنتبين ماذا اخترع. أهو حق المهاجرين إلى كنساس ونبراسكا في أن يحكموا أنفسهم وعدداً من الزنوج معهم إذا أرادوا ذلك؟ يظهر في وضوح أن ذلك لم يكن من اختراعه، لأن الجنرال كاس قد أعلن ذلك قبل أن يفكر دوجلاس في مثله بست سنوات. . . وإذاً فماذا اخترع المارد الصغير؟ لم يخطر على بال الجنرال كاس أن يسمى اكتشافه بذلك الاسم القديم ألا وهو سيادة الشعب. أجل لقد استحى أن يقول إن حق الناس أن يحكموا الزنوج هو حق الناس أن يحكموا أنفسهم. وهنا أضع تحت أنظاركم اكتشاف القاضي دوجلاس بكل ما فيه؛ لقد اكتشف أن تربية العبيد والإكثار منهم في نبراسكا هو سيادة الشعب)
رأى دوجلاس يعمد إلى المداجاة، ويجهد أن يلبس الحق بالباطل فشبهه بنوع خاص من السمك من خصائصه أن يفرز مادة سوداء كالمداد يضل بها الصيادين، فهو لا يفتأ يرسل من العبارات الجوفاء ما يرمي به إلى التعمية وطمس الحقائق. . . والناس يضحكون مما يقول ابراهام معجبين به مستزيدين منه. . .
ولقد رأى أبراهام في ذلك الصراع فرصة قلما تتاح له مثلها فعول ألا يدع في مسالة العبيد شيئاً غامضاً، وأخذ يقلبها على وجوهها في سهولة تستهوي الألباب، تلمس ذلك في مثل قوله عن المتمسكين بمبدأ العبيد، قال: (إن مبدأ الاستعباد عندهم يظهر لي كما يأتي: ليست العبودية صواباً من جميع الوجوه، وليست كذلك خطأ من جميع الوجوه، وإن من الخير لبعض الناس أن يكونوا عبيداً، وأنهم في هذه الحال يكونون خاضعين لإرادة الله. . . حّقاً ما كان لنا أن نعارض مشيئة الله، ولكن لا تزال هناك صعوبة في تطبيقها على بعض الحالات الخاصة، فمثلاً لنفرض أن هناك شخصاً اسمه الدكتور روس الموقر يملك عبداً اسمه سامبو فأنا نتساءل هل مشيئة الله أن يظل سامبو عبداً أم هي أن يطلق صراحه؟ وإنا لن نظفر من الله بإجابة مسرعة عن هذا السؤال، ولن نجد في كتابه الإنجيل جواباً لذلك، أو لا نجد في الغالب إلا ما هو من شأنه أن يثير الجدل حول معناه. . . ولا يفكر أحد أن