للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لعوامل داخلية فهاجمها البربر من الجرمان والصقلب والسلاف والهون، وسقطت إمبراطورية الرومان على ضفاف التبر. . . فكانت عصور ظلام في أوربا؛ غير أن الشعوب البربرية التي ورثت إمبراطورية الرومان احتفظت بالكثير من نظم الرومان الإدارية وعاداتهم، ولم يعد ما أحدثه البرابرة في أوربا سوى القضاء على التجارة الواسعة النطاق وعلى الإدارة العامة، وبذلك قامت بيوتات تجارية صغيرة تستطيع كفاية أهلها بمنتجاتها، فكان ذلك مقدمة للعهد الإقطاعي. وهكذا قدر لهؤلاء البرابرة أن يركزوا الحياة الاقتصادية في العمل الصغير، وبذلك وضعوا النواة لعهد الإنتاج الصناعي.

ثم طغت موجة العرب على الغرب. . . غير أن الغربيين نجحوا في وقف الموجة العربية عندما تفاقم أمرها. . . وكان نجاح شارل مارتل على العرب على نهر اللوار كنجاح الإغريق على الفرس سبباً في إنقاذ العقلية الغربية من طغيان روح النسك الأسيوية. . . في ذلك الوقت كانت العقلية الغربية رازحة تحت كاهل اللاهوت الكنسي الذي قام بروما رقيباً على النفوس والعقول محملاً بكل سيئات روح التنسك الأسيوية. . . غير أن العقلية الجرمانية لم تر في رقابة روما وتسلط البابا إلا روحاً أسيوية بعيدة عن طبيعة الذهن الغربي، فعملت كل الجهد في تقطيع أوصالها، وبدأ عهد الإصلاح بالصراع بين الذهنية الجرمانية الخالصة ممثلة العقلية الأوربية وبين العقلية الباباوية التي تحمل في طياتها شيئاً من روح النسك الأسيوية. . . في ذلك الوقت شق لوثر طريقه وكان عصر الإصلاح الديني وعهد الإحياء الفكري)

ومن هنا أرى عن حق أن مناظري الفاضل لم ينظر نظرة عميقة لكلامي وما أتى به لا يعد نقاشاً لما قلته لهذا أستحسن أن ينظر في كلامي وهو منشور بالمجلة الجديدة، ثم ينظر في كلامه المنشور بعددي الرسالة وردي عليه قبل أن يكتب رده فذلك أجدى لحسم نقط الخلاف في الموضوع.

ويبقى بعد ذلك كلمة أو كلمتان في موضوع الموسيقى الذي أثاره المناظر ولم أجد له أصلاً فيما قلت، ومع ذلك فأنا عند ظن المناظر أنتدب له الدكتور حسين فوزي وهو أخصائي في فن الموسيقى وله من العلم الواسع في هذا الموضوع ما يمكنه من بيان نواحي الزيف في آراء المناظر، وهو على ذلك قدير

<<  <  ج:
ص:  >  >>