للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العلمي لم تستهويهم الثقافة اليونانية ولا حضارتهم الأدبية إذ أحسوا ما بين الحضارة التي كانت تتمخض في شعورهم وتقديرهم للحياة وبين حضارة اليونان الاجتماعية من مهاو سحيقة فأعرضوا عن شعرهم وموسيقاهم ونظم اجتماعهم لذلك لا تجد في شعر العرب شيئاً من إبهام بيندار وأورببيد وهوميروس)

وأنت ترى مناظرنا يعترف بأن العرب لم يتقبلوا تراث اليونان الأدبي، لوجود مهاو سحيقة بينهم وبين ثقافة اليونان التقليدية التي احتضنها روح اليونان، وهذا ما نقوله ونشرحه بأن ثقافة العرب ذاتية وأن الثقافة موضوعية عند اليونان. ولهذا لن تجد في الأدب العربي شعراً قصصياً ولا شعراً تمثيلياً ولا شعراً تصويرياً لأن القصص والتمثيل والتصوير يستلزم الانسحاب من آفاق الذات إلى رحاب الموضوعية، وليس هذا في مكنة الذهنية العربية كما شرحنا ذلك في توطئة كتابنا (الزهاوي الشاعر) الذي صدر منذ عام وفي دراستنا الإنجليزية لشعر الدكتور أبو شادي.

يتساءل مناظري بعد ذلك أين كانت العقلية الغربية قبل عصر النهضة - الرينسانس - أيام كانت الحضارة العربية تحتضن العلوم القديمة، ويسبقنا بالجواب فيقول: إنهم كانوا يغطون في نومهم، ولم تزل تراود أحلامهم الآلهة التي خلقتها عقلية التعاون فيهم، فبلغ عدد هؤلاء الآلهة ثمانية آلاف في الأساطير. وأقول أنا رداً عليه: إنه لو قلب وجوه النظر في ما أدليت به في مناظرتي ما يجده منشوراً بالمجلة الجديدة، فانه ليجد الجواب موجوداً على ما أراده، وإذا أراد أن ننقل له الكلام بحرفه نقلناه.

قلناه هناك ما نصه:

(قامت المدنية الرومانية على تراث الإغريق، غير أن المسيحية سرعان ما غزت روما وهبت عليها حاملة معها نزعات المنطق الأسيوي والروح الشرقية، إلا أن الحضارة الرومانية ابتلعت المسيحية وامتصتها ومثلتها، وكان في هذا الابتلاع والامتصاص والتمثيل بعض الخلاص لمنطق الغرب من روح النسك الأسيوية، ولو لم تكن المسيحية ديانة روحية صرفة قابلة للكثير من التفاسير مرنة بطبيعتها غير حاملة في طياتها منطق حياة اجتماعية معينة ونظم وشرائع مخصوصة لقام النضال بين منطق الغرب وأصول مجتمعه وبين روح الشرق وشرائعه التي هبت بها على أوربا. . . ولقد نضب معين مدينة روما

<<  <  ج:
ص:  >  >>