وفي الفلسفة الإسلامية كثير من هذه المباحث، وقد ورد فيها ذكر (الهيولي) و (الصورة) وهي تقابل مع تعديل (الفكرة) و (الإرادة). وفي مباحث (علم الكلام) كثير من مثل هذه التعبيرات عند الكلام على صفتي (القدرة. والإرادة) فمن العجب ألا يفهم إذن أن (الفكرة) بعيدة عن عالم الأسباب والضرورات. وهي على ضوء الفلسفة - ونمثل بها وحدها لما يدعيه الرافعي عنها - تمثل فكرة الخالق التي لا تتعلق بالأسباب والضرورات، لأنه منزه عن الضرورات وهي في كلام شوبنهور تمثل فكرة القوة الخالقة - أياً كان اسمها - فدارس الفلسفة الإسلامية لا يعسر عليه فهمها، ولا يسأل هكذا:(ففكرة من تكون؟)
وهذا أيضاً مسألة (ذهنية) تتطلب ذهناً مشرقاً. فلا على الرافعي منها كذلك!
إنما الطامة الكبرى أن يخطئ في فهم الكلمات المفردة. وهنا فليأخذ القراء حذرهم، فإنني سأنقل لهم بعض كلام الرافعي بنصه في هذا الموضوع - مع ما يتضمنه من شتائم (بريئة) إذا قيست إلى سواها، ونحن نكتبه بنصه وبعلامات ترقيمه:
إنه يقول:
(بيد أن العقاد يقول بعد ذلك: (أين نتفق في هذا الرأي وأين نفترق؟ (ما شاء الله أين يتفق العقاد وشوبنهور وأين يفترقان) وأين يتساوى القول بأن الجمال فكرة، والقول بأن الجمال حرية؟ يتساويان حين نذكر أن الفكرة في رأي شوبنهور لا بد أن تكون بعيدة عن عالم الأسباب والضرورات. ومن ثم لا بد أن تكون مطلقة من أسر الأسباب والضرورات).
(ثم أين يتعارضان. (المراحيضي! وشوبنهور)؟ يقول العقاد: يتعارضان حين نذكر أن الحرية لا تكون بغير إرادة، وأن شوبنهور يخرج الجمال كله من عالم الإرادة المسببة إلى عالم الفكرة المجردة).
(وما الذي يرجح رأي فيلسوفنا! المراحيضي! بأن الجمال هو الحرية، على رأي شوبنهور بأن الجمال فكرة؟ يقول العقاد:
(يرجحه أن الجمال يتفاوت في نفوسنا ويتفاضل في مقاييس أفكارنا؛ ولو كان المعول على إدراك الفكرة وحدها في تقدير الجمال لوجب أن تكون الأشياء كلها جميلة على حد سواء).
(ونوضح ذلك فنقول: لو كانت الشجرة جميلة لأنها فكرة فقط، لما كان هناك داع لتفضيل فكرة الإنسان على فكرة الشجرة (افهموا يا ناس) ولصح لنا أن نزعم أن الناس أجمل من