يخالف الدين والأخلاق حتماً. ودعوى ضمنية بأن المحب لا يستطيع أن يحتفظ بخلق ولا دين!)
هذا آخر سهم في الكنانة!
فان لم ينفع كل ما قيل فهناك الدين، وما أسهل ما ينقلب الأمر إليه فيكون العقاد وتلامذته كفرة جاحدين! وكذلك كأن الرافعي رحمه الله يقول عن كل ما يقع تحت مبضعه في النقد؛ فطه حسين والعقاد وسلامة موسى وسواهم كفرة؛ وإذا أراد العقاد أن يجادله في مفهوم إعجاز القرآن بلغة هادئة كلها منطق وحجج، فذلك لا يؤدي إلا إلى اتهامه في عقيدته الدينية. ولست أفهم كيف يرى إخواننا المعجبون بأدب الرافعي في النقد كالأستاذ شاكر والعريان والطنطاوي أن نقد العقاد للرافعي ما هو إلا (شتائم)، وماذا كانوا يقولون عنه لو أنه كتب في ثلب الرافعي رحمه الله كتاباً ككتاب (على السفود) وأقل ما فيه: وغد، ونذل، وزنيم؛ ولم يفعل العقاد عشر معشارها في نقد الرافعي؟ أكانت تبقى للعقاد حرمة عندهم؟ أم كانوا يسقطون منه فضيلة القول الجميل كما يريدون أن يسقطوا منه كل فضيلة؟
إن الأستاذ علي الطنطاوي لا يتجنى على العقاد وسيد قطب فحسب، بل هو يبتني سابقة غير محمودة في النقد، فليس من المروءة تأليب الطبقة المحافظة على كل أديب مجدد، وليس الدين مدار البحث في أدب الرافعي وشعر العقاد، بل هو موضوع قائم بذاته متى جاء البحث إليه جاز أن يقول فيه الناقدون مقالتهم، أما ونحن الآن في عصر لم نتخلص فيه بعد من عصبية جاهلية قائمة عند الأغلبية فان من الجناية التي لا جناية بعدها أن يدور الأستاذ الطنطاوي ويحوم حتى يأتي بالأمر إلى الدين! فيتهم الأستاذ سيد قطب من طريق غير مباشر بعدم الرعاية للخلق الديني.
وبعد فإن الحديث حول الرافعي والعقاد الآن حديث ذو دلالة في الأدب العربي المعاصر، ودلالته هذه في أنه يمثل عصرين يتطاحنان، ولا ريب عندنا في الغلبة لأحدهما. . . فالعصر الذي يمثله المرحوم الرافعي وإخواننا المنافحون عنه عصر يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهو في حالة احتضاره يصحو صحوة الموت ليهدأ بعدها الهدوء النهائي، والعصر الذي يمثله العقاد وزملاؤه عصر الحاضر والمستقبل، عصر الأدب المنتج الخلاق، لا عصر التقليد والاجترار، عصر هضم الحضارة الغربية وتمثلها، لا عصر ازدرائها والابتعاد