وكان صوته في أول الأمر خافتاً، ولكنه أخذ يعلو حتى ملأ الأسماع. وصفه أحد الحاضرين فقال:(أخذ وجهه يضئ بما في باطنه من نيران. . . وجلجل صوته وعظمت قوة خطابته، واتفق له إلى حد كبير مثل سهولة الإنجيل البالغة. . . وكان يسود المكان صمت عميق بينما هو يتكلم حتى لقد كان إذا سكت يسمع هسيس الغاز منبعثاً من ثقوب المصابيح، فإذا تحمس السامعون دوت في جنبات المكان رعود قاصفة من الاستحسان)
ولقد عد خطابه هذا من أبلغ الخطب السياسية قاطبة. قال عنه جريلي - وهو الذي رأيناه قبل ذلك بعامين يدعو إلى أن ينضم دوجلاس إلى الحزب الجمهوري ففقد بذلك مودته -: (ما من رجل استطاع أن يبلغ لأول مرة بخطابه إلى مثل هذا الأثر الذي بلغ إليه لنكولن أمام جمهور المستمعين في نيويورك)
عاد لنكولن فأوضح خطة الحزب الجمهوري بما لا يدع مجالاً من بعد لدسائس خصومه، ثم استنكر ما فعله جون برون ومما ذكره في ذلك قوله:(لا يمكننا أن نعارض في الحكم على جون برون جزاء خيانته ولاية من ولايات الاتحاد، لا يمكننا أن نعارض في ذلك ولو أنه يوافقنا فيما يراه من خطأ نظام العبيد فان ذلك لا يبرر العنف وسفك الدماء والخيانة)
وأقبل عليه الناس كبيرهم وصغيرهم عالمهم وجاهلهم يهنئونه بما ظفر به من توفيق في هذا الحفل المشهود، ويعلنون إليه حبهم وولاءهم وإعجابهم بمبادئه. ولقد طار صيته بهذا الخطاب عل نحو لم يرى مثله من قبل، وأخذ الناس يحسون أنه الرجل الذي تجتمع عليه القلوب والأهواء. ولقد رأى الصحف وهو في طريقه إلى سبرنجفيلد تتحدث عن ترشيحه للرياسة في الانتخاب الذي يحل ميعاده في نهاية هذا العام. . .