الغابر) وهو الروائي الذي ما عاش إلا ليلاحظ نفسه أو يلاحظ غيره. وقد ذهل عن حياته ومطامعه وانجذب بتفهم نفسه وتفهم غيره. ولقد كان ملاحظاً محللاً تطغى فيه صفة التحليل على صفة الإبداع، ولم يكن ميالاً إلى النظر العقلي أو النظرية الخفية، ليس هنالك في تحليله مواضيع فوق الوضع، ولا منحدرات في ظلمات اللاوعي. . . وأن كان تحليله النفسي تحليلاً ظاهراً دقيقاً. وهو في كل مظهر له يبدو أنه ينطلق عن الأسرار المجهولة في النفس، وجل عمله يميل به إلى إظهار هذه الأسرار المتحركة وتوضيح المنطق الذي يقود حياته وحياة الآخرين. وهي ليست بأسرار خفية أو غير قابلة للتحليل؛ إننا نخفيها عن أنفسنا، و (بروست) يعمل على إظهارها من خفاياها. وقصصه إنما تخرج كحياة نفسه أو كالحياة. وهو لا ينتخب له طريقة معينة في القصة، فقد تأتي قصصه اعترافية، وهو فيها البطل. وقصصه مما لا يمكن تقليدها لما فيها من قوة وتحليق!