المرشدات والباحثات فكثير من النساء اللاتي سفرن مثلا واختلطن بالرجال فعلن ذلك تحت تأثير (الموضة) وتقليد الغربيات لا بمقتضى مبادئ ثابتة ولا بناء عن تدبر وتفكير. والنهضة إن لم تبن على مبادئ متينة ويكن لها مثل أعلى يوجهها في اتجاه خاص فلا أمل في بقائها، لأنها عرضة للتقلبات والأهواء كسحابة الصيف.
ثم أنه لا يمكن لغير تلك الجماعات المنظمة القوية القيام بأعباء قضية المرأة والدفاع عن حقوقها أمام التقاليد الجائرة، فالمرأة في مصر ما زالت محرومة من حقوقها السياسية، تلك الحقوق التي تمتعت بها المرأة المصرية في أقدم العصور، وتستمتع بها المرأة في كثير من الأمم الراقية لخير المجتمع. ثم هناك التشريع الذي لم يتطور مع روح العصر، والذي يعطي الرجل امتيازات يستعملها بمثابة سلاح يشهره في وجه المرأة كلما هزته شهواته ونزعاته، وهناك أيضا القيود التي تغل تقدمها العلمي، فلم تفتح أمامها بعد جميع أنواع التعليم والدراسات. هذا الحق الذي سلم به شيخ الفلاسفة سقراط الذي تعد تعاليمه لب النهى والحكمة. والذي نأخذ عنه وعن تلاميذه كثيرا من مبادئ السياسة والاجتماع والأخلاق.
كل هذه الأشياء التي تعدها المرأة حقا طبيعيا لها والتي لم تحصل عليها بعد، تبين بجلاء مبلغ خطورة القضية ومبلغ الحاجة إلى توحيد الصفوف وإنهاض جميع الهمم، فالمرأة في الواقع لم تقطع إلا جزءا يسيرا من مرحلة شاقة طويلة، فالأمل معلق على تكوين تلك الجماعات القوية التي بيدها مستقبل المرأة.