للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الذاتية، ولا سيما إذا كانت هذه المدرسة هي مدرسة العقاد التي تقوم في أساسها على الدعوة إلى أدب (الشخصية) وتنكر التقليد وتشتط في إنكاره. فمن يخلص لطريقة هذه المدرسة، فإنما يخلص للاستقلال و (الخصوص) والتفلت من القيود والتقليد

وأما كلمتنا لك، فنحن نسلم أننا (طبعة ثانية) من العقاد، فماذا تكون أنت؟. إننا نقول لك: كن أنت - إن استطعت - طبعة ثانية من العقاد أو أي فنان سواه، أو كن - على حد تعبيرك المؤدب - الطبعة التي تتركها في الرمل قدم العقاد تكن خيراً مما أنت الآن عشرات المرات!

وأنت يا سيدي - ثانياً - لا تحترم نفسك. فلقد كنت تقول يوم نشرت كتاب (على السفود) إنك تريد به (مثالا يحتذيه الذين يريدون أن يحرروا بالنقد عقولهم من عبادة الأشخاص ووثنية الصحافة في عهدها البائد). فكانت مسألة نصرة الأشخاص يوم ذاك - على ما تدعي - بعيدة عن غرضك، بل كنت ممن يقاومونها وينشرون هذه الكتب (الساقطة) لدفعها

ثم هاأنت ذا الآن تقول إنك كنت وقتها تناصر شخصاً وأنك تبت مما عملت: (سقت نقدي مساق من لا يبرئ نفسه مما تناول ذلك النقد من رأى أو اتجاه. فلم أخرج ذاتي من مجال النقد الذي سقت، معترفاً بان ذلك رجوع إلى الحق، واطمئنان إلى اتجاه جديد) وتعني بهذا أنك - إذن - ممن كانوا يناصرون الأشخاص على الأشخاص، بينما كنت يومها تبرأ من ذلك.

قلها يا مولانا كلمة صريحة أنت وأمثالك ممن لا يجدون في أنفسهم الشجاعة الكافية لمواجهة من يريدون مواجهته، فيلفون ويدورون، ويتخذون طرائق المرأة في الدفاع والهجوم. قل: أنه ما دامت الشتائم توجه إلى العقاد فهي حينئذ نصرة مذهب على مذهب؛ أما حين تكون مدافعةٌ وردٌّ لهذه الشتائم، فهي - إذن - نصرة أشخاص على أشخاص!

وقل يا مولانا: إنك تحقد على العقاد حقدا دفينا لا سبب له - إذ ليس بينكما منافسة على أدب ولا موهبة فنية - وأنك لهذا ترحب بشتائم الرافعي له وتطبعها وتروج لها وتسميها علوا عن الشخصيات. وأما حين يقوم (أديب) مثل (سيد قطب) ليكشف عن شنعة هذه الشتائم، وليشرح بعض نواحي أدب العقاد بالقدر الذي تتسع له مجلة، فانك تتألم وتثور حفيظتك فتسمي هذا الشرح وذلك الرد مناصرة للشخصيات؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>