القرآن وشأنه لا يتعرضون له بشيء إن كانوا لا يؤمنون به، وإما أن يذكروه ويدرسوه إذا قدروا على دراسته، ولكن بنفس روح الاحترام والاحتياط والإجلال الذي يدرس به العلماء الشمس والنجم والبحر وما إليها من الظواهر الكونية الثابتة التي لا يد في خلقها للإنسان. وهي كما ترى كلمة سواء غاية في الإنصاف، لو كان لدى أنصار الجديد الروح الذي يقضي بقبولها لما كانت هنالك تلك المرارة في القتال التي جلبها عدم قبولهم شطر الكلمة الأول، ولاصطلح الفريقان وتحابا واجتمعا على التجديد الحق في الأدب وغير الأدب لو أن أولئك قبلوا شطر الكلمة الثاني. وإذن لما كان هناك أنصار جديد وأنصار قديم، ولكن فئة واحدة من المجددين المصلحين الذين يعملون بالحق للحق ضمن دائرتي العلم والدين اللتين يشملهما الإسلام جميعاً
إن من اشد ما يؤسف له أن تفترق قوة أولى القوة في الشرق هكذا فرقتين، إحداهما تهدم والأخرى تدفعها عن الهدم، فيشغل الفريقان جميعاً عن التجديد والبناء وعدوهما واقف لهما بالمرصاد. لكن التمني لا يجدي والواقع هو الواقع. فستستمر المعركة بين أنصار جديد الغرب وأنصار قديم الإسلام كأشد وأحمى ما تكون حتى يقضي الله بينهما حكمه. ومهما يكن من ذلك فالموقف بين الفريقين هو في صميمه كما صورنا. وعلى أساسه يمكن النقد في غير كبير عناء أن يضع الأمر بينهما في نصابه فيما كان وفيما يجد من خلاف. وسنضرب فيما نستقبل من الكلمات مثلاً لذلك بتبيين وجه الحق فيما احتدم حول أدب الرافعي رحمه الله من جدال.