بعد هذا نحب أن نلج موضوع النقاش من بابه ولا نثب من النافذة، فالأستاذ سيد قطب على ما نعتقد ونرى وعلى ما يتسع له علمنا واطلاعنا لم يوفّق بعض التوفيق في رأيه في فقيد الأدب العربي المرحوم الرافعي، كما أنه لم يوفق ولا بعض التوفيق في نفاحه عن الأستاذ الكبير العقاد
وأصوله وقواعده التي اتجه إليها في كتابته في هذه الموازنة على تسامحنا بهذه التسمية ليست أصولَ الملمْ بأدب من وضعهما في كفتى الميزان الفني. فلا هو يستطيع أن يقول: إنه قرأ كتب العقاد جميعها - على ما يذهب إليه من وجوب اجتماع أكثر من ثقافة واحدة لفهم ما يكتب أو يقول الأستاذ العقاد - ولا هو يطيق أن يقول أيضاً: إنه قرأ الرافعي قراءة المستوفي المستكمل
والأخ الأستاذ سيد قطب معي في أن ما تناوله من أدب الرافعي غيض من فيض، ولعله جنحإلى ما يمكن أن يوقع فيه واختاره ليقول فيه قول الذي قال، وما يمكن أن يقال في مثل هذا من شعر الرافعي يقال في مثل هذه القصيدة التي أضعها بين يدي القراء من شعر العقاد، قال الأستاذ من قصيدة يعارض فيها ابن الرومي:
هل يعرف البيضُ أن الحسن جوهرة ... لها الثراءُ ثراءُ النفس أثمانُ
يقنو نفائسه من لا يسوّمه ... وقد يعز على الَّلآل قنيان
يا جوهراً بت أرعاه على أممٍٍ ... رعى الشحيح ومالي فيه سلطانُ
ما في يدي منه لا عينٌ ولا أثرٌ ... ولى عليه مغاليقُ وأعيانُ
قد نلت ما نلت من حظ به عرضاً ... وقد تولى فحظي منه فقدان
إني على الرعي من عينيك مفتقرٌ ... يا ضوء قلبي فان القلب مِدْجانُ
وحسبي أن أسأل الأستاذ قطباَ رأيه فيها دون أن يكون مني أي تعليق. . .
بعد هذا فالحق أن الأستاذ العريان كان منصفاً كل الإنصاف فيما يؤرخ به حياة الرافعي - رضوان الله عليه - وليس معنى هذا العصمة من كل خطأ، وأيُّ الكاتبين كامل؟؟
ومن الحق أن الأستاذ قطباً تقحم الموضوع على الأخ العريان وأراد أن يثير بين أنصار الرافعي وأنصار العقاد، والفريقان كثر، معركة أدبية لعل من الخير لو ثارت على غير هذا