إن أساليب الحرب في نظر البدوي أهم بكثير من النصر وكسب المعركة، والمجد بالتسابق بأعمال البطولة على أساليب الشرف هدفه الأسمى في القتال. وقد نشأ عن ذلك أساليب وعادات معقدة ورثنا بعضها فيما نسميه الروح الرياضية. فالبدوي لا يجد من الشرف أن يهاجم رجلاً نائماً أو أقل منه سلاحاً، وهكذا ظهرت تقاليد أهم صفاتها تطلب المجد والشهرة وإثارة روح التقدير والإعجاب في الآخرين بإتباع أساليب الشرف. ولا يجدي البدوي غضاضة في الاعتراف ببطولة العدو إذا كانت أساليب الشرف والاستقامة رائد هذا العدو في الحرب. كما أنه ينظر بازدراء للقروي الذي يحارب بقصد النصر دون التمسك بأساليب الشرف.
توجد ناحية غير مستحبة في طباع البدو الحربية وهي الأنانية والحسد، فالمحاربون البدو يحاربون لإظهار فروسيتهم ورجوليتهم وشجاعتهم الفردية بقدر الإمكان، وقد لا يشعر أحدهم بكراهية نحو عدو بعيد ولكنه ينفجر حاقداً إذا ما نافسه أحد رجال قبيلته بأعمال البطولة وسبقه بالشهرة. قد نرى نحن الأوربيين أن هذا أمر غير مستحب، ولكن الحقيقة أن هذه الصفة كانت من أهم الصفات الظاهرة لدى النبلاء الأوربيين في العصر الإقطاعي ومع أنها صفة غير جذابة ولكنها إحدى صفات الفروسية.
معاملة المرأة
إن الشيء الثاني الذي يميز حياة الفروسية أو حياة البدو هو طريقتهم في معاملة المرأة، فالمزارع مرتبط بعمله المنهك فلا ينتظر منه أن يشجع زوجته على التجمل والراحة في البيت بينما هو يقضي ١٢ - ١٣ ساعة يوميّاً في أعماله الزراعية، ولذلك تجد أن نساء المزارعين كن دائماً خشنات المظهر لاشتراكهن في الأعمال الشاقة خارج البيت. ولربما أوجدت حياة المزارع الجافة فيه عقلية خاملة خالية من الجو الخيالي البهيج
ولكن نظرة البدوي إلى المرأة تختلف تماماً عن نظرة المزارع إليها لما ذكر فيما سبق من أن البدوي قليل المشاغل وغايته القصوى في الحياة المجد وإثارة الإعجاب. ومن الطبيعي أن الإنسان عندما يتطلب ميزة خاصة على غيره يتطلب ان تعترف له المرأة بتلك الميزة، وأن إعفاء المرأة البدوية من الأعمال الجسيمة الشاقة المنهكة جعلها تحتفظ بنعومتها